للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

إن مَنَعَ اللهُ الثَّمَرَةَ، بِمَ يَأخُذُ أحَدُكُمْ مال أخِيهِ؟» (١) فلَفْظَةُ المَنْعِ تَدُلُّ على أنَّ العَقْدَ يَتَناوَلُ مَعْنى هو مَقْصُودٌ في الحالِ، حتى يُتَصَوَّرَ المَنْعُ. ولَنا، النَّهْيُ المُطْلَقُ عن بَيعِ الثَّمَرَةِ قبلَ بُدُوِّ صَلاحِها، فيَدْخُلُ فيه مَحَلُّ النّزاعِ، واسْتِدْلالُهم بسِياقِ الحَدِيثِ يَدُلُّ على هَدمِ قاعِدَتِهم التي قَرَّرُوها، في أنّ إطْلاقَ العَقْدِ يَقْتَضِي القَطْعَ، ويُقَرِّرُ ما قُلْنا، من أنَّ إطْلَاقَ العَقْدِ يَقْتَضِي التبقِيَةَ، فيَصِيرُ العَقْدُ المُطْلَقُ كالذي شُرِطَ فيه التبقِيَةُ، يَتَناوَلُهما النَّهْي جَمِيعًا، ويَصِحُّ تَعْلِيلُهما بالعِلَّةِ التي عَللَ بها النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - من مَنْعِ الثَّمَرَةِ وهَلاكِها.

فصل: وبَيعُ الثَّمَرَةِ قبلَ بُدُوِّ صَلاحِها من غيرِ شَرْطِ القَطْعِ على ثَلاثَةِ أضْرُبٍ؛ أحدُها، أنْ يَبِيعَها مُنْفَرِدَةً لغَيرِ مالِكِ الأصْلِ، فلا يَصِحُّ. وهذا الذي ذَكَرْناه، وبَيَّنَّا بُطلانَه. الثاني، أنْ يَبِيعَها مع الأصلِ، فيَجُوزُ بالإِجْماعِ؛ لقَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ باعَ نَخْلًا بَعْدَ أنْ تُؤبَّرَ، فَثَمَرَتُها للذي باعَهَا، إلَّا أنْ يَشْتَرِطَ (٢) المُبْتَاعُ». مُتَّفَقٌ عليه (٣). ولأنَّه إذا باعَها مع الأصْلِ حَصَلَتْ تَبَعًا في البَيعِ، فلم يَضُرَّ احْتِمالُ الغَرَرِ فيها، كما


(١) تقدم تخريجه في صفحة ١٧٢.
(٢) في الأصل: «يشترطها».
(٣) تقدم تخريجه في ١١/ ٣٠٤.