للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ثالِثَةً، في مَن قَصَدَ التبقِيَةَ. وإلَّا لم يَفْسُدْ. قال شَيخُنا (١): والظّاهِرُ أنّ هذه تَرْجِعُ إلى ما نَقَلَه أحمدُ بنُ سَعِيدٍ، فإنَّه يَتَعَيَّنُ حَمْلُ ما نَقَلَه أحمدُ بنُ سَعِيدٍ في صِحَّةِ البَيعِ على مَنْ لم يُرِدْ حِيلَةً، فإنْ أرادَ الحِيلَةَ، لم يَصِحَّ بحالٍ، إذ قد ثَبَتَ من مَذْهَبِ أحمدَ أنَّ الحِيَلَ كُلَّها باطِلَة. وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الأولَى أنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عن بَيعِ الثمَرَةِ قبلَ بُدُوِّ صَلاحِها (٢). فاسْتُثْنِيَ منه ما اشْتَراهُ بشَرْطِ القَطْع وقَطَعَه، بالإِجْماعِ، فيَبْقَى فيما عَدَاهُ على أصْلِ التَّحْرِيمِ، ولأنَّ التبقِيَةَ مَعْنى حَرَّمَ الشَّرْعُ اشْتِراطَه لِحَقِّ الله تِعالى، فأبْطَلَ العَقْدَ وجُودُه، كالنَّسِيئَةِ فيما يَحْرُمُ فيه النَّسَاءُ، وتَرْكِ التَّقَابُض فيما يُشْتَرَط (٣) القَبْضُ فيه، ولأنَّ صِحَّة البَيعِ تَجْعَلُ ذلك ذَرِيعَةً إلى شِراءِ الثَّمَرَةِ قبلَ بُدُو صَلاحِها وتَرْكِها حتى يَبْدُوَ صَلَاحُها، ووَسائِلُ الحرامِ حَرَام، كبَيعِ العِينَةِ. ومتى حَكَمْنَا بفَسَادِ البَيعِ، فالثمَرَةُ كُلُّها للبائِعِ. وعنه، أنَّهما يَتَصَدَّقانِ بالزِّيَادَةِ. قال القَاضِي: هذا مُسْتَحَبٌّ؛ لوُقُوعِ الخِلافِ في مُسْتَحِقِّ الثَّمَرَةِ، فاسْتُحِبَّ الصَّدَقةُ بها، وإلَّا فالحَقُّ أنها للبائِع


(١) في: المغني ٦/ ١٥٣.
(٢) تقدم تخريجه في ٦/ ٣٦٦.
(٣) في م: «يشترك».