للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

التبقِيَةِ. وهو قَوْلُ مالك، والشّافِعِيِّ. وقال أبو حَنِيفَةَ، وأصْحابُه: لا يَجُوزُ بشَرْطِ التبقِيَةِ. إلَّا أنّ محمّدًا قال: إذا تَنَاهَى عِظَمُها، جازَ. واحْتَجُّوا بأنَّ هذا شَرَطَ الانْتِفَاعَ بمِلْكِ البائِعِ على وَجْهٍ لا يَقْتَضِيه العَقْدُ، فلم يَجُزْ، كما لو اشْتَرَطَ تَبْقِيَةَ الطّعَامِ في كُنْدُوجِه (١). ولَنا، أنَّ نَهْىَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - عن بَيعِ الثَّمَرَةِ حتى يَبْدُوَ صَلاحُها (٢). يَدُلُّ بمَفْهُومِه على إباحة بَيعِها بعدَ بُدُوِّ صَلاحِهَا. والمَنْهِيُّ عنه قبلَ بُدُوِّ الصَّلاحِ عندَهم بَيعُها بشَرْطِ التبقِيَةِ، فيَجِبُ أنْ يكونَ ذلك جائِزًا بعدَ بُدُو الصَّلَاح، وإلَّا لم يكُنْ بُدُوُّ الصَّلَاحِ غايَةً، ولا يكُونُ في ذِكْرِه فائِدَة. ولأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عن بَيعِ الثَّمَرَةِ حتى يَبْدُوَ صَلاحُها، وتَأمَنَ العاهَةَ (٣). وتَعْلِيلُه بأمْنِ العَاهَةِ يَدُلُّ على التبقِيَةِ؛ لأنَّ ما يُقْطَعُ في الحالِ لا تُخافُ العاهَةُ عليه، وإذا بَدَا الصَّلاحُ فقد أمِنَتِ العَاهَةُ، فيَجُوزُ (٤) أنْ يَجُوزَ بَيعُه مُبَقَّى لزَوَالِ عِلَّةِ المَنْعِ، ولأنَّ النَّقْلَ والتَّحْويلَ يَجِبُ في المَبيعِ (٥) بحُكْمِ العُرْفِ، فإذا شَرَطَه، جازَ، كما لو اشترَطَ نَقْلَ الطَّعَامِ من مِلْكِ البائِعِ حَسَبَ


(١) الكُنْدُوج: شِبْه المخزن.
(٢) تقدم تخريجه في ٦/ ٣٦٦.
(٣) أخرجه الإمام أحمد، في: المسند ٦/ ١٠٥، ١٠٦.
(٤) في م: «فيجب».
(٥) في م: «الممتنع».