للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فصل: والجائِحَةُ كُلُّ آفَةٍ لا صُنْعَ لآدَمِيٍّ فيها؛ كالرِّيحِ، والحَرِّ، والبَرْدِ، والعَطَشِ؛ لما رَوَى السّاجِيّ (١) بإسْنادِه، عن جابِرٍ، أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَضَى في الجائِحَةِ، والجائِحَةُ تكونُ في البَرْدِ، والجرَادِ (٢)، والحَرِّ، وفي الحَبَقِ (٣)، وفي السَّيلِ، وفي الرِّيحِ. وهذا تَفْسِيرٌ من الرّاوي لكَلَامِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فيَجِبُ الرّجُوعُ إليه. فأمّا ما كان بفِعْلِ آدَمِي، فقال القاضِي: يُخَيَّرُ المُشْتَرِي بينَ فَسْخِ العَقْدِ ومُطَالبَةِ البائِعِ بالثَّمَنِ، وبينَ البَقاءِ عليه ومُطَالبَةِ الجانِي بالقِيمَةِ، كالمَكِيلِ والمَوْزُونِ إذا أتْلَفَه آدَمِي قبلَ القَبْضِ؛ لأنَّه أمْكَنَ الرُّجُوعُ بِبَدَلِه، بخِلافِ التالِفِ بِالجائِحَةِ. إلَّا أنَّ في إحْراقِ اللُّصُوصِ ونَهْبِ العَسَاكِرِ والحَرامِيَّةِ وَجْهَينِ. فإن قيلَ: فقد نَهَى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن رِبْحِ ما لم يَضْمَنْ (٤). والثَّمَرَةُ غيرُ مَضْمُونَةٍ على المُشْتَرِي، فإذا كانتِ القِيمَةُ أكثَرَ من الثَّمَنِ فقد رَبِحَ فيه. قُلنا: المُرادُ بالخَبَرِ النَّهْي عن الرِّبْحِ بالبَيعِ، بدَلِيلِ أنَّ المَكِيلَ لو زَادَتْ قِيمَتُه قبلَ قَبْضِه، ثم قَبَضَه، جازَ ذلك بالإجْماعِ.


(١) زكريا بن يحيى بن عبد الرحمن الساجي، البصري، الشافعي، أبو يحيى الإمام الثبت الحافظ، محدث البصرة، وشيخها، له مصنف جليل في علل الحديث. توفي سنة سبع وثلاثمائة. سير أعلام النبلاء ١٤/ ١٩٧ - ٢٠٠.
(٢) سقط من: م.
(٣) كذا في النسخ. وفي حاشية ر، ق: «لعله الحرق».
(٤) تقدم تخريجه في ١١/ ٢٣٠.