الشّارِعُ في الوَصِيَّةِ وعَطِيَّةِ المَرِيضِ. قال الأثْرَمُ: قال أحمدُ: إنَّهُم يَسْتَعْمِلُونَ الثُّلُثَ في سَبْعَ عَشْرَةَ مَسْألةٍ. ولأن الثُّلُثَ في حَدِّ الكَثْرَةِ، وما دُونَه في حَدِّ القِلَّةِ، بدَلِيلِ قَوْلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في الوَصِيَّةِ:«الثُّلُثُ، والثُّلث كَثِير»(١). فلهذا قُدِّرَ به. ولنا، عُمومُ الأحادِيثِ، فإنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أمَرَ بوَضْعِ الجوائِحِ. وما دُونَ الثُّلُثِ داخِل فيها، فيَجِبُ وَضْعُه. ولأنَّ هذه الثَّمَرَةَ لم يتمَّ قَبْضُها، فكانَ ما تَلِفَ منها من ضَمانِ البائِعِ وإنْ نَقَصَ عن الثُّلُثِ، كالتي على الأرْضِ، وما أكَلَه الطَّيرُ أو سَقَطَ، لا يُؤثِّرُ في العادَةِ، ولا يُسَمَّى جائِحَة، فلا يَدْخُلُ في الخَبَرِ، ولأنَّه لا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ منه، فهو مَعْلُومُ الوُجُودِ بحُكْمِ العادَةِ، فكَأنه مَشْرُوط. إذا ثَبَتَ ذلك، فمَتَى تَلِف شيء له قَدْر خارِج عن العادَةِ، وَضَعَ من الثَّمَنِ بقَدْرِ الذّاهِب. وإنْ تَلِفَ الجَمِيعُ، بَطَلَ العَقْدُ، ويَرْجِعُ المُشْتَرِي بجَمِيعِ الثَّمَنِ. وَأمّا على الروَايَةِ الثانِيَةِ، فإنَّه يَعْتَبِرُ ثُلُثَ الثَّمَرَةِ. وقيل: ثُلُثَ القِيمَةِ. فإنْ تَلِفَ الثُّلُثُ فما زادَ، رَجعَ بقِسْطِه من الثَّمَنِ، وإنْ كان دُونَه، لم يَرْجِعْ بشَيءٍ. وإنِ اخْتَلَفَا في الجائِحَةِ، أو قَدْرِ التّالِفِ، فالقَوْلُ قولُ البائِعَ؛ لأنَّ الأصْلَ السَّلَامَةُ، ولأنه غارِم، والقَوْلُ في الأصُولِ قَوْلُ الغارِمِ.