فصل: فأمّا النَّوْعُ الآخَرُ من ذلك الجِنسِ، فقال القاضِي: لا يَجُوزُ بَيعُه. وهو أحَدُ الوَجْهَينِ لأصْحَابِ الشّافِعِيِّ. وقال محمّدُ بنُ الحَسَنِ: ما كان مُتَقَارِبَ الإِدْرَاكِ، فبُدُوُّ صَلاحِ بَعْضِ يَجُوزُ به بَيعُ جَمِيعِه، وما يَتَأخَّرُ تَأخُّرًا كَثِيرًا فلا نُجَوِّزُه في الباقِي. وقال أبو الخَطّابِ: يَجُوزُ بَيعُ ما في البُسْتَانِ من ذلك الجِنْسِ. وهو الوَجْهُ الثانِي لأصْحابِ الشّافِعِيِّ؛ لأن الجِنْسَ الواحِدَ يُضَمُّ بَعْضُه إلى بَعْض في إكْمالِ النِّصَابِ، فيَتْبَعه في جَوازِ البَيعِ، كالنَّوْعِ الواحِدِ. والأوَّلُ أوْلَى؛ لأنَّ النَّوْعَينِ قد يَتَبَاعَدُ إدْرَاكُهما، فلم يَتْبَعْ أحَدُهما الآخرَ في بُدُو الصَّلاحِ، كالجِنْسَينِ. ويُخالِفُ الزَّكَاةَ؛ فإنَّ القَصْدَ هو الغِنَى من جِنْسِ ذلك المالِ، لتَقَارُبِ مَنْفَعَتِه، وقِيامِ كُلِّ نَوْعٍ مَقامَ النَّوْعِ (١) الآخَر في المقْصُودِ. والمَعْنَى ههُنا هو تَقارُبُ إدْرَاكِ أحَدِهما من الآخَر، ودَفْعُ الضَّرَرِ الحاصِلِ بالاشتِراكِ واخْتِلافِ الأيدِي، ولا يَحْصُلُ ذلك في النَّوْعَينِ، فصارَ في هذا كالجِنْسَينِ.