فصل: فإن باعَ الدَّينَ لغَيرِ مَنْ هو في ذِمَّتِه، لم يَصِحَّ. وبه قال أبو حَنِيفَةَ، والثَّوْرِيُّ، وإسحاقُ. قال أحمدُ: إذا كان لَكَ على رَجُلٍ طَعامٌ قَرْضًا، فبِعْه مِن الذي هو عليه بنَقْدٍ، ولا تَبِعْهُ من غيرِه بنَقْدٍ ولا نسِيئَةٍ، وإذا أَقْرَضْتَ رَجُلًا دَراهِمَ أو دَنانِيرَ، فلا تَأْخُذْ من غَيرِه عِوَضًا بما لَكَ عليه. وقال الشافعيُّ: إن كانَ الدَّينُ على مُعْسِرٍ أو مُماطِلٍ لم يَصِحَّ البَيعُ؛ لأنَّه مَعْجُوزٌ عن تَسْلِيمِه، وإنْ كان على مَلئٍ باذِلٍ له، ففيه قَوْلانِ؛ أحَدُهما، يَصِحُّ؛ لأنَّه ابْتَاعَ بمالٍ ثابِتٍ في الذِّمَّةِ، فصَحَّ، كما لو اشْتَرَى في ذِمَّتِه، ويُشْتَرَطُ أنْ يَشْتَرِيَ بعَينٍ، أو يَتَقَابَضَا في المَجْلِسِ؛ لئَلَّا يكونَ بَيعَ دَينٍ بدَينٍ. ولَنا، أنَّه غيرُ قادِرٍ على تَسْلِيمِه، فلم يَصِحَّ، كبَيعِ الآبِقِ، والطَّيرِ في الهَواءِ.