للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ولأنَّه إنْ رَهَنَه على قِيمَتِها إذا تَلِفَتْ، فهو رَهْنٌ على ما ليس بوَاجِبٍ، ولا يُعْلَمُ إفْضَاؤُه إلى الوُجُوبِ، وإن كان الرَّهْنُ على عَينِها، لم يَصِحَّ؛ لأنَّه لا يُمْكِنُ اسْتِيفاءُ عَينِها من الرَّهْنِ، فأشْبَهَ أثْمانَ البِياعَاتِ المُتَعَيِّنَةِ. والثاني، يَصِحُّ أخْذُ الرَّهْنِ بها. وهو مَذْهَبُ أبي حنيفةَ، وقال: كلُّ عَينٍ كانت مَضْمُونةً بنَفْسِها، جاز أَخْذُ الرَّهْنِ بها. يُرِيدُ ما يُضْمَنُ بمِثْلِه أو قِيمَتِه، كالمَبِيعِ يَجُوزُ أخْذُ الرَّهْنِ به؛ لأنَّه مَضْمُونٌ بفَسادِ العَقْدِ، ولأنَّ مَقْصُودَ الرَّهْنِ الوَثِيقَةُ بالحَقِّ، وهذا حاصِلٌ، فإنَّ الرَّهْنَ بهذه الأعْيانِ يَحْمِلُ الرّاهِنَ على أدائِها، وإن تَعَذَّرَ أداؤُها، اسْتَوْفَى بَدَلَها مِن ثَمَنِ الرَّهْنِ، فأشْبَهَتِ الدَّينَ في الذِّمَّةِ.

فصل: قال القاضِي: كُلُّ ما جاز أخْذُ الرَّهْنِ به، جاز أخْذُ الضَّمِينِ به، وما لم يَجُزِ الرَّهْنُ به، لم يَجُزْ أَخْذُ الضَّمِينِ به، إلَّا ثَلاثَةَ أشْياءَ؛ عُهْدَةُ المَبِيعِ يَصِحُّ ضَمانُها، ولا يَصِحُّ الرَّهْنُ بها. والكِتابَةُ لا يَصِحُّ الرَّهْنُ بدَينِها، ويَصِحُّ ضَمانُها في إحْدَى الرِّوايَتَينِ. وما لا يَجِبُ لا يَصِحُّ الرَّهْنُ به، ويَصِحُّ ضَمانُه. والفَرْقُ بينَهما مِن وَجْهَينِ؛ أحَدُهما، أنَّ الرَّهْنَ بهذه الأشْياءِ يُبْطِلُ الإِرْفاقَ، فإنَّه إذا باع عَبْدَه بألْفٍ، ودَفَع رَهْنًا يُساوي ألْفًا، فكَأنَّه ما قَبَض الثَّمَنَ، ولا ارْتَفَقَ به، والمُكاتَبُ إذا دَفَع ما يُساوي كِتَابَتَه، فما ارْتَفَق بالأَجَلِ؛ لأَنَّه كان يُمْكِنُه بَيعُ الرَّهْنِ وإبْقاءُ الكِتابَةِ ويَسْتَرِيحُ، والضَّمانُ بخِلافِ هذا. والثّانِي، أنَّ ضَرَرَ الرَّهْنِ يَعُمُّ؛ لأنَّه يَدُومُ بقاؤُه عندَ المُشْتَرِي، فيَمْنَعُ البائِعَ التَّصَرُّفَ فيه، والضَّمان بخِلافِهِ.