فصل: فأمّا بنو آدمَ، فقال أحمدُ: أكْرَهُ قَرْضَهم. فيَحْتَمِلُ كَراهَةَ التَّنْزِيهِ، ويَصِحُّ قَرْضُهم. وهو قولُ ابنِ جُرَيجٍ، والمُزَنِيِّ؛ لأنَّه مالٌ يَثْبُتُ في الذِّمَّةِ سَلَمًا، فصَحَّ قَرْضُه، كسائِرِ الحَيَوانِ. ويَحْتَمِلُ [أنَّه أرادَ كَراهَةَ التَّحْرِيمِ، فلا يَصِحُّ قَرْضُهم. اخْتاره القاضِي؛ لأنَّه لم يُنْقَل قَرْضُهم، ولا هو مِن المَرافِقِ. ويَحْتَمِلُ](١) صِحَّةَ قَرْضِ العَبْدِ دُونَ الأَمَةِ. وهو قولُ مالكٍ، والشافعيِّ، إلَّا أن يُقْرِضَهُنَّ مِن ذَوى مَحارِمِهِنَّ؛ لأنَّ المِلْكَ بالقَرْضِ ضَعِيفٌ، فإنَّه لا يَمْنَعُها مِن رَدِّها على المُقْرِضِ، فلا يُسْتَبَاحُ به الوطءُ، كالمِلْكِ في مُدَّةِ الخِيارِ، وإذا لم يُبَحِ الوَطْءُ، لم يَصِحَّ القَرْضُ؛ لعَدَمِ القائِلِ بالفَرْقِ، ولأنَّ الأبْضاعَ ممّا يُحْتاطُ لها، ولو أبَحْنا قَرْضَهُنَّ، أفْضَى إلى أنَّ الرجلَ يَسْتَقْرِضُ أمَةً فيَطَؤُها ثم يَرُدُّها