للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فصل: وإذا وَجَد بِئْرًا، وقَدَر على النُّزُولِ إلى مائِها مِن غيرِ ضَرَرٍ، أو الاغْتِرافِ بشيءٍ أو ثَوْبٍ يَبُلُّه ثم يَعْصِرُه، لَزِمَه ذلك وإن خاف فَوْتَ الوَقْتِ؛ لأنَّ الاشْتِغال به كالاشْتِغالِ بالوُضُوءِ. وحُكْمُ مَن في السَّفِينَةِ في الماءِ، كحُكْمِ واجِدِ البِئْرِ، إن لم يُمْكِنْه الوُصُولُ إلى الماءِ إلَّا بمَشَقَّةٍ، أو تَغْرِيرٍ بالنَّفْسِ، فهو كالعادِمِ. وهذا قَوْلُ الثَّوْرِيِّ، والشافعيِّ. [وإذا كان الماءُ مَوْجُودًا، إلَّا أنَّه إنِ اشْتَغَلَ بتَحْصِيله واسْتِعْمالِه فات الوَقْتُ، لم يُبَحْ له التَّيَمُّمُ، سَواءٌ كان حاضِرًا أو مُسافِرًا، في قولِ أكثرِ أهلِ العلمِ؛ منهم الشافعيُّ، وأبو ثَوْرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وأصحابُ الرَّأْي. وعن الأوْزاعِيِّ والثَّوْرِيِّ، أنَّه يَتَيَمَّمُ. رَواه عنهما الوَلِيدُ بنُ مُسْلِمٍ (١). ورُوي عن مالكٍ وابنِ أبي ذِئْبٍ (٢)، كقَوْلِ الجُمْهُورِ؛ لقولِه تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} (٣). وهذا واجِدٌ، ولقَوْلِه، عليه السَّلامُ: «التُّرَابُ كَافِيكَ مَا لَمْ تَجِدِ الْمَاءَ» (٤). ولأنَّه قادِرٌ على الماءِ، فلم يَجُزْ له التَّيَمُّمُ، كما لو لم يَخَفْ فَوْتَ الوَقْتِ] (٥).


(١) أبو العباس الوليد بن مسلم، محدث الشام، صنف التصانيف، وتوفي سنة خمس وتسعين ومائة. العبر ١/ ٣١٩.
(٢) أبو الحارث محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة القرشي، ابن أبي ذئب، من فقهاء التابعين بالمدينة، توفي سنة تسع وخمسين ومائة. طبقات الفقهاء، للشيرازي ٦٧.
(٣) من الآية ٤٣ من سورة النساء، والآية ٦ من سورة المائدة.
(٤) تقدم تخريجه في ١/ ٥٧.
(٥) زيادة من: «م».