فصل: ويَصِحُّ رَهْنُ المُرتَدِّ، والقاتِلِ في المُحارَبَةِ، والجاني، سواءٌ كانت جِنايَتُه عَمْدًا أو خَطَأً، على النَّفْسِ وما دُونَها. وقال القاضِي: لا يَصِحُّ رَهْنُ القاتِلِ في المُحارَبَةِ. واخْتارَ أبو بكر أنَّه لا يَصِحُّ رَهْنُ الجانِي. والاخْتِلافُ في ذلك مَبْنِيٌّ على الاخْتِلافِ في صِحَّةِ بَيعِه، وقد سَبَق. فإن كان المُرْتَهِنُ عالِمًا بالحالِ، فلا خِيارَ له؛ لأنَّه دَخَل على بَصِيرَةٍ، أشْبَهَ المُشْتَرِيَ إذا عَلِم العَيبَ. وإن لم يَكُنْ عالِمًا، ثم عَلِم بعدَ إسْلامِ المُرْتَدِّ، وفِداءِ الجانِي، فكذلك؛ لأنَّ العَيبَ زال، فهو كزَوالِ عَيبِ المَبِيعِ. وإن عَلِم قبلَ ذلك، فله رَدُّه وفَسْخ البَيعِ إن كان مَشْرُوطًا في العقْدِ؛ لأنَّ العَقْدَ اقْتَضاه سَلِيمًا، فإذا ظَهَرَ مَعِيبًا، مَلَك الفَسْخَ، كالبَيعِ. وإنِ اخْتَارَ إمْساكَه فلا أَرش له؛ لأنَّ الرَّهْنَ بجُمْلتِه (١) لو تَلِفَ قبلَ قَبْضِه لم يَمْلِكْ بَدَلَه، فبَعْضُه أوْلَى. وكذلك لو لم يَعْلَمْ حتَّى قُتِلَ العَبْدُ بالرِّدَّةِ أو القِصاصِ، أو أُخِذَ في الجِنايَةِ، فلا أرش للمُرْتَهِنِ. وذكَر القاضِي أنَّ قِياسَ المَذْهَبِ أنَّ له الأرْشَ في هذه المَواضِعِ، قِياسًا على البَيعِ. وليس الأمْرُ كذلك، فإن المَبِيعَ عِوَضٌ عن الثَّمَنِ، فإذا فات بَعْضُه، رَجَع بما يُقابِلُه مِن الثَّمَنِ، ولو فات كلُّه، كتَلَفِ المَبِيعِ قبلَ قَبضِه، رَجَعَ بالثَّمَنِ كلِّه، والرَّهْنُ ليس بعِوَض، ولو تَلِف كلُّه قبلَ