الشافعيِّ. وقال أبو حَنِيفَةَ ومالكٌ: إن كان أكثَرُ بَدَنِه صَحِيحًا، غَسَلَه ولا يَتَيَمَّمُ، وإن كان أكثرُه جَرِيحًا، تَيَمَّمَ ولا غُسْلَ عليه؛ لأنَّ الجَمْعَ بينَ البَدَلِ والمُبْدَلِ لا يَجِبُ، كالصِّيامِ والإِطْعامِ. ولَنا، ما روَى جابِرٌ، قال: خَرَجْنا في سَفَرٍ، فأصابَ رَجُلًا مِنّا شَجَّةٌ في وَجْهِه، ثم احْتَلَمَ، فسأل أصْحابَه: هل تَجِدُونَ لي رُخْصَةً في التَّيَمُّمِ؟ قالوا: ما نَجِدُ لك رُخْصَةً، وأنت تَقْدِرُ على الماءِ. فاغْتَسَلَ، فمات، فلَمّا قَدِمْنا على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أُخْبِرَ بذلك، فقال:«قَتَلُوهُ، قَتَلَهُمُ اللهُ، ألَّا سَألُوا إذْ لَمْ يَعْلَمُوا، فإنَّمَا شِفَاءُ الْعيِّ السُّؤّالُ، إنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أنْ يَتَيَمَّمَ وَيَعْصبَ عَلَى جُرْحِهِ، ثُمَّ يَمْسَحَ عَلَيهِ، ثُمَّ يَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِهِ». رَواه أبو داودَ (١). ولأنَّها شَرْطٌ مِن شَرائِطِ الصلاةِ، فالعَجْزُ عن بَعْضِها لا يُسْقِطُ جَمِيعَها، كالسِّتارَةِ، وما ذَكَرُوه يَنْتَقِضُ بالمَسْحِ على الخُفَّين مع غَسْلِ بَقِيَّةِ الأعْضاءِ. فأمّا الذي قاسُوا عليه، فإنَّه جَمْعٌ بينَ البَدَلِ والمُبْدَلِ في مَحلِّ
(١) في: باب في المجروح يتيمم، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود ١/ ٨٢.