للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ويَثْبُتُ للمُرْتَهِنِ الخِيارُ إن كان الرَّهْنُ مَشْرُوطًا في بَيعٍ؛ لتَعَيُّبِها (١) ونقْصِ قِيمَتِها. فإن قيلَ: فلِمَ لا يَنْفَسِخُ عَقْدُ الرَّهْنِ، كعَقْدِ الإِجارَةِ؟ قُلْنا: الإِجارَةُ عَقْدٌ على مَنْفَعَةِ السُّكْنَى، وقد تَعَذَّرَتْ وعَدِمَتْ، فبَطَلَ العَقْدُ؛ لعَدَمِ المَعْقُود عليه، والرَّهْنُ عَقْدُ اسْتِيثاقٍ يَتَعَلَّقُ بالأعْيانِ التي فيها المالِيَّةُ، وهي باقِيَةٌ. فعلى هذا، تَكُونُ العَرْصَةُ والأنْقاضُ مِن الخَشَبِ والأحْجارِ ونحوها مِن الرَّهْنِ؛ لأنَّ العَقْدَ وارِدٌ على جَمِيعِ الأعْيانِ، والأنْقاضُ منها، وما دَخَل في العَقْدِ اسْتَقَرَّ بالقَبْضِ.

فصل: ويَجُوزُ للمُرْتَهِنِ أن يُوَكِّلَ في قَبْضِ الرَّهْنِ، ويَقُومُ قَبْضُ وَكِيله مَقامَ قَبْضِه في لُزُومِ الرَّهْنِ وسائِرِ أحْكَامِه. فإن وكَّلَ المُرْتَهِنُ الرَّاهِنَ في قَبْضِ الرَّهْنِ له مِن نَفْسِه، لم يَصِحَّ، ولم يَكُنْ قَبْضًا؛ لأنَّ الرَّهْنَ وَثِيقَةٌ ليَسْتَوْفِيَ الحَقَّ منه عندَ تَعَذُّرِ اسْتِيفائِه مِن الرَّاهِنِ، فإذا كان في يَدِ الرَّاهِنِ لم يَحْصُلْ مَعْنَى الوَثِيقَةِ، وقد ذَكَرْنا في البَيعِ، أنَّ المُشْتَرِيَ لو دَفَعِ إلى البائِعِ وعاءً، وقال: كِلْ لِي حَقِّي فيه. ففَعَلَ، كان قَبْضًا، فيُخرَّجُ ههُنا مِثْلُه.

فصل: إذا أقَرَّ الرَّاهِنُ بتَقْبيضِ الرَّهْن، أو أقَرَّ المُرْتَهِنُ بقَبْضِه، كان مَقْبُولًا فيما يُمْكِنُ صِدْقُهما فيه. فإن أقَرَّ الرَّاهِنُ بالتَّقْبِيضِ ثم أنْكَرَ، وقال: أقرَرْتُ بذلك ولم أكنْ أقْبَضْتُ شيئًا. أو أقَرَّ المُرْتَهِنُ بالقَبْضِ ثم أنْكَرَه، فالقولُ قولُ المُقَرِّ له، فإن طَلَب المُنْكِرُ يَمِينَه، ففيه


(١) في الأصل: «لتعينها».