للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الباقِيَ بَعْضُ الجُمْلَةِ، وقد كان الجَمِيعُ رَهْنًا، فيَكُونُ البَعْضُ رَهْنًا؛ لأنَّه مِن الجُمْلَةِ.

فصل: وإذا قَضاه حَقَّه، وأبرأه مِن الدَّينِ، بَقِيَ الرَّهْنُ أمانَةً في يدِ المُرْتَّهِنِ. وبه قال الشافعيُّ. وقال أبو حنيفةَ: إذا قَضاهُ كان مَضْمُونًا، وإذا أبرَأه لم يَكُنْ مَضْمُونًا، اسْتِحْسانًا. وهذا مُناقَضَة؛ لأنَّ القَبْضَ المضْمُونَ منه لم يَزُلْ، ولم يُبْرِئْه منه، وعندَنا أنَّه كان أمانةً، وبَقِيَ على ما كان عليه، وليس عليه رَدُّه؛ لأنَّه أمْسَكَه بإذْنِ مالكِهِ، ولا يَخْتَصُّ بنَفْعِه (١)، فهو كالوَدِيعَةِ، بخِلافِ العارِيَّةِ، فإنَّه يَخْتَصُّ بنَفْعِها، وبخِلافِ ما لو أطارَتِ الرِّيحُ إلى دارِه ثَوْبًا، فإنَّه يَلْزَمُه رَدُّه إلى مالِكِه؛ لأنَّ مالِكَه لم يَأذَنْ في إمْساكِه، فأمَّا إنْ طَلَبَه المالكُ في هذه الحالِ، لَزِم مَن هو في يَدِه، مِن المُرْتَّهِنِ أو العَدْلِ، دَفْعُه إليه إذا أمْكَنَه، فإنِ امْتَنَعَ صارَ ضامنًا، كالمُودَعِ إذا امْتَنَعَ مِن رَدِّ الوَدِيعَةِ بعدَ طَلَبِها. فإن كان امْتِناعُه لعُذْرٍ، مثلَ أن يَكُونَ بينَهما طَرِيقٌ مَخُوفٌ، أو بابٌ مُغْلَقٌ لا يُمْكِنُه فَتْحُه، أو خاف فوْتَ جُمُعَةٍ أو جَماعَةٍ، أو فوْتَ وَقْتِ صَلاةٍ، أو كان به مَرَضٌ أو جُوعٌ شَدِيدٌ، ونحوُه، فأخَّرَ التَّسْلِيمَ لذلك، لم يَضْمَنْ؛ لأنَّه لا تَفْرِيطَ منه، أشْبَهَ المُودَعَ.


(١) في الأصل، ر، ق: «بنفسه».