للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقال مالكٌ: لا بَأْسَ أنَّ يَشْتَرِطَ في البَيعِ مَنْفَعَةَ الرَّهْنِ (١) إلى أجَلٍ في الدُّورِ والأرَضِينَ. وكَرِهَه في الحَيَوانِ والثِّيابِ، وكَرِهَه في القَرْضِ. ولَنا، أنَّه شَرَط في الرَّهْنِ ما يُنافِيه، فلم يَصِحَّ، كما لو شَرَطَه في القَرْضِ. فإن شَرَط شيئًا منها في عَقْدِ الرَّهْنِ، فقال القاضِي: يَحْتَمِلُ أنَّ يَفْسُدَ الرَّهْنُ بها بكلِّ حالٍ؛ لأنَّ العاقِدَ إنما بَذَل مِلْكَه بهذا الشَّرْطِ، فإذا لم يُسَلَّمْ له، لم يَصِحَّ العَقْدُ؛ لعَدَمِ الرِّضَا به بدُونِه. وقيلَ: إن شَرَط الرَّهْنَ مُؤَقتًا، أو رَهَنَه يَوْمًا ويَوْمًا لا، فَسَد الرَّهْنُ. وهل يَفْسُدُ بسائِرِها؟ على وَجْهَين، بناءً على الشُّرُوطِ الفاسِدَةِ في البَيعِ. ونَصَر أبو الخَطَّابِ في «رُءُوسِ المَسائلِ» صَحَّتَه. وبه قال أبو حنيفةَ؛ لأنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم - قال: «لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ» (٢). وهو مَشْرُوطٌ فيه شَرْطٌ فاسِدٌ. ولم يُحْكَمْ بفَسادِه. وقِيلَ: ما يَنْقُصُ حَقَّ المُرْتَهِنِ يُبْطِلُه، وَجْهًا واحِدًا، وما لا، فعلى وَجْهَين. وهذا مَذْهَبُ الشافعيِّ؛ لأنَّ المُرْتَهِنَ شُرِطَتْ له زِيادَةٌ لم تَصِحَّ له، فإذا فَسَدَتِ الزِّيادَةُ، لم يَبْطُلْ أصْلُ الرَّهْنِ.


(١) في ر ١: «المرتهن».
(٢) تقدم تخريجه في ١١/ ٢٥٠.