الثانِي، أن تَكُونَ مُوجِبَةً للقَوَدِ، فلا تَخْلُو أنَّ تَكُونَ على النَّفْسِ، أو على ما دُونَها، فإن كانت على ما دُونَ النَّفْسِ، فالحَقُّ للسَّيِّدِ، فإن عَفا على مالٍ، سَقَط القِصاصُ، ولم يَجِبِ المالُ؛ لِما ذَكَرْنا. وكذلك إن عَفا على غيرِ مالٍ. وإن أرادَ أنَّ يَقْتَصَّ، فله ذلك؛ لأنَّ السَّيِّدَ لا يَمْلِكُ الجِنايَةَ على عَبْدِه، فيَثْبُتُ له ذلك بجِنايَتِه عليه، كالأجْنَبِيِّ، ولأنَّ القِصاصَ يَجِبُ للزَّجْرِ، والحاجَةُ داعِيَةٌ إلى زَجْرِه عن سَيِّدِه. فإنِ اقْتَصَّ، فعليه قِيمَتُه، تَكُونُ رَهْنًا مكانَه، أو قَضاءً عن الدَّينِ؛ لأنَّه أخْرَجَه عن الرَّهْنِ باخْتِيارِه، فكان عليه بَدَلُه، كما لو أعْتَقَه. ويَحْتَمِلُ أن لا يَجبَ عليه شيءٌ؛ لأنَّه اقْتَصَّ (١) بإذْنِ الشَّارِعِ، فلم يَلْزَمْه شيءٌ، كالأَجْنَبِيِّ. وكذلك إن كانتِ الجِنايَةُ على النَّفْسِ فاقْتَصَّ الوَرَثَةُ، فهل تَجِبُ عليهم القِيمَةُ؟ يُخَرَّجُ على ما ذَكَرْنا. وليس للوَرَثَةِ العَفْوُ على مالٍ؛ لِما ذَكَرْنا في السَّيِّدِ؛ لأنَّهم يَقُومُونَ مَقامَ المَوْرُوثِ. وذَكَر القاضِي وَجْهًا آخَرَ، أنَّ لهم ذلك؛ لأن الجِنايَةَ في مِلْك غيرِهم، فكانَ لهم العَفْوُ على مالٍ، كما لو جَنَى على أجْنَبِيٍّ. وللشافعيِّ قَوْلان، كالوَجْهَين. فإن عَفا بعضُ الوَرَثَةِ، سَقَط القِصاصُ.