للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المُطاوَعَةِ؛ لأنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم - نَهَى عن مَهْرِ البَغِيِّ (١). ولأنَّ الحَدَّ إذا وَجَب على المَوْطوءَةِ لم يَجِبِ المَهْرُ، كالحُرَّةِ. ولَنا، أنَّ المَهْرَ يَجِبُ للسَّيِّدِ، فلا يَسْقُطُ بمُطاوَعَةِ الأمَةِ وإذْنِها، كما لو أذِنَتْ في قَطْعِ يَدِها، ولأنَّه اسْتَوْفَى هذه المَنْفَعَةَ المَمْلُوكَةَ للسَّيِّدِ بغيرِ إذْنِه، فكان عليه عِوَضُها، كما لو أكْرَهَها، وكأَرْشِ بَكارَتِها لو كانت بِكْرًا، والحَدِيثُ مَخْصُوصٌ (٢) بالمُكْرَهَةِ على البِغاءِ، فإنَّ اللهَ تعالى سَمَّاها بذلك، مع كَوْنِها مُكْرَهَة، فقال تعالى: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا} (٣). وقَوْلُهم: لا يَجِبُ الحَدُّ والمَهْرُ. قُلْنا: لا يَجِبُ المَهْرُ لها. وفي مَسْألتِنا لا يَجِبُ لها، وإنَّما يَجِبُ لسَيِّدِها. ويُفارِقُ الحُرَّةَ، فإنَّ المَهْرَ لو وَجَب لوَجَبَ لها، وقد أسْقَطَتْ حَقَّها بإذْنِها، وههنا المُسْتَحِقُّ لم يَأذَنْ، ولأنَّ الوُجُوبَ في حَقِّ الحُرَّةِ تَعَلَّقَ بإكْراهِها، وسُقُوطُه بمُطاوَعَتِها، فكذلك السَّيِّدُ ها هنا، مَّا تَعَلّقَ السُّقُوطُ بإذْنِه، يَنْبَغِي أنَّ يَثْبُتَ عندَ عَدَمِه. وسَواءٌ وَطِئها مُعْتَقِدًا للحِلِّ، أو غيرَ مُعْتَقِدٍ له، أو ادَّعَى شُبْهَةً، أو لم يَدَّعِها، لا يَسْقُطُ المَهْرُ بشيء مِن ذلك؛ لأنَّه حَقُّ آدَمِي، فلا يَسْقُطُ بالشبُهاتِ. ووَلَدُه رَقِيقٌ للرّاهِنِ؛ لأنَّه مِن زِنًى، ولأنَّه لا مِلْكَ له فيها، ولا شُبْهَةَ مِلْكٍ، فأشْبَهَ الأجْنَبِيَّ.


(١) تقدم تخريجه في ١١/ ٤٤.
(٢) سقط من: الأصل.
(٣) سورة النور ٣٣.