فهل يَرجِعُ الضّامِنُ بما قَضاه عنه؟ يُنْظَرُ؛ فإن لم يعتَرِفْ له بالقَضاءِ، لم يَرجِع عليه، وإنِ اعتَرَفَ له بالقَضاءِ، وكان قد قَضَى بغيرِ بَينةٍ في غَيبَةِ المَضْمُونِ عنه، لم يَرجع بشيء، سواء صَدَّقَه المَضْمُونُ عنه أو كَذبَه؛ لأنَّه أذِنَ في قَضاءٍ مُبْرِيء ولم يُوجَد، كان قَضاه بِبَينةٍ ثَبَت بها الحَقُّ، لكنْ إن كانت غائِبَةً أو مَيتَةً، فللضّامِنِ الرُّجُوعُ على المَضْمُونِ عنه؛ لأَنه مُعتَرِف أنَّه ما قَصَّرَ وما فَرَّطَ. وإن قَضاه بِبَينةٍ مَردُودَةٍ بأمر ظاهِر، كالكُفْرِ والفِسْقِ الظّاهِرِ، لم يَرجِعِ الضّامِنُ؛ لتَفْرِيطِه؛ لأنَّ هذه البَيِّنةَ كعَدَمِها. وإن رُدَّتْ بأمر خَفِيّ، كالفِسْقِ الباطِنِ، أو كانتِ الشَّهادَةُ مُخْتَلَفًا فيها، مثلَ أن يكونَ (١) أشْهدَ عَبْدَينِ، أو شاهِدًا واحِدًا، فرُدَّتْ لذلك، أو كان مَيتًا أو غائِبًا، احتَمَلَ أن يَرجِعَ؛ لأَنه قَضَى ببَينةٍ شَرعِيَّةٍ، والجرحُ والتَّعدِيلُ ليس له. واحتَمَلَ أن لا يَرجِعَ؛ لأَنه أشْهدَ مَن لا يَثْبُتُ الحَقُّ بشهادَتِه. وإن قَضَى بغيرِ بَيِّنةٍ بحَضْرَةِ المَضْمُونِ عنه، ففيه وَجْهانِ؛