ليُعرَفَ ما فيه الحَظُّ، والضَّمِينُ والكَفِيلُ دَخَلا على أنَّه لا حَظَّ لهما، ولأنَّه عَقْد لا يَفْتَقِرُ إلى القَبُولِ، فلم يَدخُلْه خِيارٌ، كالنذْرِ. وبهذا قال أبو حنيفةَ، والشافعيُّ. ولا نَعلَمُ فيه خلافًا. فإن شَرَطَ الخيارَ فيهما (١)، فقال القاضي: عندِي أنَّ الكَفالةَ تَبْطُلُ. وهو مَذْهبُ الشافعيِّ؛ لأنَّه شَرط يُنافِي مُقْتَضاها، ففَسَدَتْ، كما لو شَرَط أن لا يُؤدِّيَ عن المَكْفُولِ به، وذلك لأنَّ مُقْتَضَى الضَّمانِ والكَفالةِ لُزُومُ ما ضَمِنَه أو كَفَل به، والخِيارُ يُنافِي ذلك. ويَحتَمِلُ أن يَبطُلَ الشّرطُ وَحدَه، كما قلنا في الشُّرُوطِ الفاسِدَةِ في البَيعِ. ولو أقَرَّ أنَّه كَفَل بشَرطِ الخِيارِ، لَزِمَتْه الكَفالةُ، وبَطَل الشّرطُ؛ لأنَّه وَصَل بإقْرارِه ما يبطِلُه، فأشْبَه اسْتِثْناءَ الكلِّ.
فصل: وإذا ضَمِن رَجُلان عن رجلٍ ألفًا ضَمانَ اشْتِراكٍ، فقالا: ضَمِنَّا لك الألْفَ الذي على زَيدٍ. فكل واحدٍ منهما ضامِن لنِصفِه. وإن كانوا ثَلاثةً، فكلُّ واحِدٍ ضَامِن ثُلُثَه. فإن قال واحِد منهم: أنا وهذان ضامِنُون لك الألْفَ. فسَكَتَ الآخَرانِ، فعليه ثُلُثُ الألْفِ، ولا شيءَ عليهما. وإن قال كلُّ واحدٍ منهم: كل واحدٍ مِنّا ضامِن لك الألْفَ. فهذا ضَمانُ اشْتِراكٍ وانْفِرادٍ، وله مُطالبَةُ كلِّ واحدٍ منهم بالألْفِ إن شاء. وإن أدّى أحَدُهُم الألفَ كله، أو حِصّتَه منه، لم يرجع إلَّا على المَضْمُونِ عنه؛ لأن كلَّ واحدٍ منهم ضامِن أصلِي، وليس بضامِن عن الضّامِنِ الآخَرِ.