فألْقَى بعضُ مَن فيها مَتاعَه في البَحْرِ لتَخِفَّ، لم يَرْجِعْ به على أحَدٍ، سواءٌ ألْقاه مُحْتَسِبًا بالرُّجُوعِ أو مُتَبَرِّعًا؛ لأنَّه أتْلَفَ مال نفْسِه باخْتِيارِه مِن غيرِ ضَمانٍ. وإن قال له بعضُهم: ألْقِ مَتاعَكَ. فأَلْقاه، فكذلك؛ لأنَّه لم يُكْرِهْه، ولا ضَمِن له. فإن قال: ألْقِه، وعليَّ ضَمانُه. فألْقاه، فعلى القائِلِ الضَّمانُ. ذَكَرَه أبو بكرٍ؛ لأنَّ ضَمانَ ما لم يَجِبْ صَحِيحٌ. وإن قال: ألْقِه، وأنا ورُكْبانُ السَّفينةِ ضُمَناءُ له. ففعَلَ. فقال أبو بكر: يَضْمَنُه القائِلُ وَحْدَه، إلَّا أن يَتَطَوَّعَ بَقِيَّتُهم. وقال القاضي: إن كان ضَمانَ اشْتِراكٍ، فليس عليه إلَّا ضَمانُ حِصَّتِه؛ لأنَّه لم يَضْمَنِ الجَمِيعَ، إنَّما ضَمِن حِصَّتَه، وأخْبَرَ عن سائِرِ رُكْبانِ السَّفِينَةِ بضَمانِ سائِرِه، فلَزِمَه حِصَّتُه، ولم يُقْبَلْ قَوْلُهَ في حَقِّ الباقِينَ. وإن كان ضَمانَ اشْتِراكٍ وانْفِرادٍ، بأن يَقُولَ: كلُّ واحدٍ مِنّا ضامِنٌ لك مَتاعَكَ أو قِيمَتَه. لَزِم القائِلَ ضَمانُ الجميعِ، وسَواءٌ قال هذا والباقُونَ يَسْمَعُونَ فسَكَتُوا، أو قالوا: لا نَفْعَلُ. أو لم يَسْمَعُوا؛ لأنَّ سُكُوتَهُم لا يَلْزَمُهم به حَقٌّ.
فصل: قال مُهَنّا: سألتُ أحمدَ، عن رجلٍ له على رجُلٍ ألْفُ دَرْهمٍ