ويَكُونُ الحُكْمُ ههُنا كالحُكْمِ فيما لو قَضَى عنه الدَّينَ، على ما ذَكَرْنا. فإن كان الألْفُ على رَجُلَين، على كلِّ واحدٍ منهما خَمْسُمائَةٍ، وكلُّ واحدٍ كَفِيلٌ عن الآخرِ بذلك، فأحالهُ أحَدُهُما بالألْفِ، بَرِئَتْ ذِمَّتُهما معًا، كما لو قَضاها. وإن أحال صاحِبُ الألْفِ رجلًا على أَحدِهِما بعَينِه صَحَّتِ الحَوالةُ؛ لأنَّ الدَّينَ على كلِّ واحدٍ منهما مُسْتَقِرٌّ. وإن أحال عليهما جميعًا، ليَسْتَوْفِيَ منهما أو مِن أيِّهما شاءَ، صَحَّتِ الحَوالةُ أيضًا عند القاضِي؛ لأنَّه لا فَضْلَ ههُنا في نَوْع ولا أجَلٍ ولا عَدَدٍ، وإنَّما هو زِيادَةُ اسْتِيثاقٍ، فلم يَمْنَعْ ذلك صِحَّةَ الحَوالةِ، كحَوالةِ المُعْسِرِ على المَلِئِ. وقال بعضُ الشّافِعِيَّةِ: لا تَصِحُّ الحَوالةُ؛ لأنَّ الفَضْلَ قد دَخَلَها. فإنَّ المُحْتال ارْتَفَقَ بالتَّخْيِيرِ بالاسْتِيفاءِ مِن أَيِّهما شاء، فأشْبَهَ ما لو أحاله على رَجُلَين له على كلِّ واحدٍ منهما ألْفٌ؛ ليَسْتَوْفِيَ مِن أَيِّهما شاء. والأوَّلُ أصَحُّ. والفَرْقُ بينَ هذه المَسْألَةِ، وبينَ ما إذا أحاله بألْفَين، أنَّه لا فَضْلَ بينَهما في العَدَدِ ها هنا، وثَمَّ تَفاضَلَا، ولأنَّ الحَوالةَ ههُنا بأَلْفٍ مُعَيَّنٍ، وثَمَّ الحَوالةُ بأحَدِهما مِن غيرِ تَعْيِينٍ، وأنَّه إذا قَضاه أحَدُهما الألْفَ، فقد قَضاه جَمِيعَ الدَّينِ، وثَمَّ إذا قَضَى أحَدُهما بَقِيَ ما على الآخَر. ولو لم يَكُنْ كلُّ واحدٍ مِن الرَّجُلَين ضامِنًا عن صاحِبِه، فأحال عليهما، صَحَّتِ الحَوالةُ بغيرِ إشْكالٍ؛ لأنَّه لَمّا كان له أن يَسْتَوْفِيَ الألْفَ مِن واحدٍ، كان له أن يَسْتَوْفِيَ مِن اثْنَين، كالوَكِيلَينِ.