للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بغيرِ إذْنِه. وقال أصْحابُ الشافعيِّ: إنَّما يَصِحُّ إذا اعْتَرَفَ للمُدَّعِي (١) بصدْقِه. وهذا مَبْنِي على صُلْحِ المُنْكِرِ، وقد ذَكَرْناه. ثم لا يَخْلُو الصُّلْحُ أن يكونَ عن دَين أو عَين؛ فإن كان عن دَين، صَحَّ، سَواءٌ كان بإذنِ المُنْكِرِ، أوَ بغيرِ إذْنِه؛ [لأنَّ قَضاءَ الدَّينِ عن غيرِه جائِزٌ بإذْنِه وبغيرِ إذْنِه] (٢) فإنَّ عليًّا وأبا قَتادَةَ، قَضَيا عن المَيِّتِ، فأجازَه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - (٣). وإن كان الصُّلْحُ عن عَين بإذْنِ المُنْكِرِ، فهو كالصُّلْحِ منه؛ لأنَّ الوَكِيلَ يَقُومُ مَقامَ المُوَكِّلِ. وإن كان بغيرِ إذْنِه، فهو افتِداءٌ للمُنْكِرِ مِن الخُصُومَةِ، وإبْراءٌ له مِن الدَّعْوَى، وذلك جائِزٌ. وفي المَوْضِعَين، إذا صالحَ عنه بغيرِ إذْنِه، لم يَرْجِعْ عليه بشيءٍ؛ لأنَّه أدَّى عنه ما لا يَلْزَمُه أداؤه. وخَرَّجَه القاضي وأبو الخَطَّابِ على الروَايَتَين، فيما إذا قَضَى دَينَه الثّابِتَ بغيرِ إذْنِه. وهذا التَّخْرِيجُ لا يَصِحُّ؛ لأنَّ هذا لم يَثْبُتْ وجُوبُه على المُنْكِرِ، ولا يَلْزَمُه أداؤه إلى المُدَّعِي، فكيف يَلزَمُه أداؤه إلى غيرِه؟ ولأنه أدّى عنه ما لا يَجِبُ عليه، فكان مُتَبَرِّعًا، كما لو تَصَدَّقَ عنه. ومَن قال برُجُوعِه، فإنَّه يَجْعَلُه


(١) في الأصل، ر ١، م: «المدعى».
(٢) سقط من: م.
(٣) تقدم تخريج قصتهما في صفحة ٩.