صادِقٌ، فصَالِحْنِي عنها، فإنِّي قادِرٌ على اسْتِنْقاذِها مِن المُنْكِرِ. فقال أصْحابُنا: يَصِحُّ الصُّلْحُ. وهو مَذْهَبُ الشافعيِّ؛ لأنَّه اشْتَرَى منه مِلْكَه الذي يَقْدِرُ على قَبْضِه، ثم إن قَدَر على أخْذِه، اسْتَقَرَّ الصُّلْحُ، وإن عَجَز، كان له الفَسْخُ؛ لأَنه لم يُسَلِّمْ له المَعْقُودَ عليه، فكان له الرجُوعُ إلى بَدَلِه. ويَحْتَمِلُ أنَّه إن تَبَيَّنَ أنَّه لا يَقْدِرُ على تَسْلِيمِه، تَبَيَّنَ أنَّ الصُّلْحَ كان فاسِدًا؛ لأنَّ الشَّرْطَ الذي هو القُدْرَةُ على قَبْضِه مَعْدُوم حال العَقْدِ، فكان فاسِدًا، كما لو اشْتَرَى عَبْدَه، فتَبَيَّنَ أنَّه آبِق، أو مَيِّت. ولو اعْتَرَفَ له بصِحَّةِ دَعْواه، ولا يُمْكِنُه اسْتِنْقاذُه، لم يَصِحَّ الصُّلْحُ؛ لأنَّه اشْتَرَى ما لا يُمْكِنُه قَبْضُه، فأشْبَهَ شِراءَ العَبْدِ الآبِقِ. فإنِ اشْتَراه وهو يَظُنُّ أنَّه عاجزٌ عن قَبْضِه، فتَبَيَّنَ أنَّ قَبْضَه مُمْكِن، صَحَّ البَيعُ؛ لأنَّ البَيعَ تَناوَلَ ما يُمْكِنُ قَبْضُه، فصَحَّ، كما لو عَلِما ذلك. ويَحْتَمِلُ أن لا يَصِحَّ؛ لأنَّه ظَنَّ عَدَمَ الشَّرْطِ، فأشبَهَ ما لو باعِ عَبْدًا يَظُنُّ أنَّه حُرٌّ، أو أنَّه عَبْدُ غيرِه، فتَبَيَّنَ أنَّه عَبْدُه. ويَحْتَمِلُ أن يُفرَّق بينَ مَن يَعْلَمُ أنَّ البَيعَ يَفْسُدُ بالعَجْزِ عن تَسْلِيم المَبِيعِ وبينَ من لا يَعَلْمُ ذلك؛ لأنَّ مَن يَعْلَمُ ذلك يَعْتَقِدُ فَسادَ البَيعِ والشراءِ، فكان بَيعُه فاسِدًا، لكَوْنِه مُتَلاعِبًا بقَوْلِه مُعْتَقِدًا فَسادَه، ومَن لا يَعْلَمُ يَعْتَقِدُه صَحِيحًا، وقد تَبَيَّنَ اجْتِماعُ شُرُوطِه، فصَحَّ، كما لو عَلِمَه مَقْدُورًا على تَسْلِيمِه.