للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الأكْثَرِين (١). وبه قال الشافعيُّ؛ لأنَّ العِوَضَ مَجْهُولٌ، فإنَّ الثَّمَرَةَ مَجْهُولة وجُزْؤها مَجْهُولٌ، ومِن شَرْطِ الصُّلْحِ العِلْمُ بالعِوَضِ، ولأنَّ المُصالحَ عليه أيضًا مجهولٌ؛ لأنَّه يَزِيدُ ويتَغَيَّرُ، على ما أسْلَفْناه. ووَجْهُ الأوّل، أنَّ هذا ممَّا يَكْثُرُ في الأمْلاكِ، وتَدْعُو الحاجَةُ إليه، وفي القَطْعِ إتْلافٌ، فجاز مع الجَهالةِ، كالصُّلْحِ على مَجْرَى مِياه الأمْطارِ، وعلى المَوارِيثِ الدّارِسَةِ، والحُقُوقِ المَجْهُولةِ التي لا سَبِيلَ إلى عِلْمِها. قال شيخُنا (٢): ويَقْوَى عندِي أنَّ الصُّلْحَ هنا يَصِحُّ، بمَعْنَى أنَّ كلَّ واحِدٍ منهما يُبِيحُ صاحِبَه ما بَدَل له، فصاحب الهَواءِ يُبِيحُ صاحبَ الشَّجَرةِ إبْقاءَها، ويَمْتَنِعُ مِن قَطْعِهَا وإزالتِها، وصاحبُ الشجرةِ يُبِيحُه ما بَذَل له مِن ثَمَرَتِها, ولا يكونُ هذا بمَعْنَى البَيعِ؛ لأنَّ البَيعَ لا يَصِحُّ بمَعْدُوم ولا مَجْهُولٍ، والثَّمَرةُ في حالِ الصُّلْحِ مَعْدُومَة مَجْهُولةٌ، ولا هو لازِمٌ، بل لكلِّ واحِدٍ منهما الرُّجُوعُ عما بَذَلَه، والعَوْدُ فيما قاله؛ لأنَّه مُجَرَّدُ إباحَةٍ مِن كلِّ واحِدٍ منهما لصاحِبه، فجَرَى مَجْرَى قولِ كل واحدٍ منهما


(١) في م: «الأكثر».
(٢) في: المغني ٧/ ٢٠.