للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فصل: فأمّا التُّرابُ النَّجِسُ فلا يجُوزُ التَّيَمُّم به، لا نَعْلَمُ فيه خِلافًا، إلَّا أنَّ الأوْزاعِيَّ قال: إن تَيَمَّمَ بتُرابِ المَقْبَرَةِ وصَلَّى، مَضَتْ صَلاتُه. ولَنا، قولُه تعالى: {فتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًّا}. والنَّجِسُ ليس بطَيِّبٍ. ولأنَّ التَّيَمُّمَ طهارةٌ، فلم تَجُزْ بغيرِ طاهرٍ، كالوُضُوءِ، فأمّا المَقْبَرةُ، فإن كانت لم تُنْبَشْ، فتُرابُها طاهِرٌ، وإن تَكَرَّرَ نَبْشُها والدَّفْنُ فيها، لم يَجُزِ التَّيَمُّم بتُرابِها، لاخْتِلاطِه بصَدِيدِ المَوْتَى ولُحُومِهم. ذَكَر ذلك شَيخُنا (١). وقال ابنُ عَقِيلٍ، في التُّربَةِ المَنْبُوشَةِ: لا يجُوزُ التَّيَمُّم منها، سَواءٌ تَكَرَّرَ النبشُ، أم لا. وإن شَكَّ في ذلك، أو في نَجاسَةِ التُّرابِ الذي يَتَيَمَّمُ به، جاز التَّيَمُّم به، لأنَّ الأصْلَ الطهارةُ، فهو كما لو شَكَّ في نَجاسَةِ الماءِ. وذَكَر ابنُ عَقِيلٍ، فيما إذا لم يَعْلَمْ حال المَقْبَرَةِ، وَجْهَين؛ أحَدُهما، يَجُوزُ، لِما ذَكَرْنا. والثاني، لا يجوزُ، لأنَّ الظّاهِرَ مِن الدَّفْنِ فيها حُصُولُ النَّجاسة في بَعْضِها، فيَشْتَبِهُ بغيرِه، والمُشْتَبِهُ لا تَجُوزُ الطهارةُ به، كالأوانِي. قال ابنُ عَقِيلٍ: ويُكْرَهُ الوُضوءُ مِن البِئْرِ التي في المَقْبَرَةِ، وأكْلُ البَقْلِ وثَمَرِ الشَّجَرِ الذي فيها، كالزُّرُوعِ التي تُسَمَّدُ بالنَّجاسَةِ، وكالجَلالةِ.


(١) انظر: المغني ١/ ٣٣٤.