فصل: وإذا كان له وَضْعُ خَشَبِه على جِدارِ غيرِه، لم يَمْلِكْ إجارَتَه ولا إعارَتَه؛ لأنَّه إِنَّما مَلَك ذلك لحاجَتِه الماسَّةِ إلى وَضْعِ خَشَبِه، ولا حاجَةَ له (١) إلى وَضْعِ خَشَبِ غيرِه، فلم يَمْلِكْه. وكذلك لا يَمْلِكُ بَيعَ حَقه مَن وَضَعَ خَشبَه، ولا المُصَالحةَ عنه للمالِكِ ولا لغيرِه؛ لأنَّه أُبِيحَ له مِن حَقِّ غيرِه لحاجَتِه، فلم يَجُزْ له ذلك فيه، كطَعامِ غيرِه إذا أُبِيحَ له في حالِ الضَّرُورَةِ. ولو أراد صاحِبُ الحائِطِ إعارَةَ الحائِطِ أو إجارَتَه، على وَجْهٍ يَمْنَعُ هذا المُسْتَحِقَّ مِن وَضْعِ خَشَبِه، لم يَمْلِكْ ذلك؛ لأنَّه وَسِيلةٌ إلى مَنْعِ ذي الحَقِّ مِن حَقِّه، فلم يَمْلِكْه، كمَنْعِه. ولو أراد هَدْمَ الحائِطِ لغيرِ حاجَةٍ، لم يَمْلِكْ ذلك؛ لِما فيه مِن تَفْويتِ الحَقِّ. وإنِ احْتاجَ إلى ذلك للخَوْفِ مِن انْهِدامِه أو لتَحْويِله إلى مكانٍ آخَرَ، أو لغَرَضٍ صَحِيحٍ، مَلَك ذلك؛ لأنَّ صاحِبَ الخَشَبِ إنَّما يَثْبُتُ حَقُّه للإِرْفاقِ به مَشْرُوطًا بعَدَمِ الضَّرَرِ بصاحِبِ الحائِطِ، فمتى أفْضَى إلى الضَّرَرِ، زال الاسْتِحْقاقُ؛ لزَوالِ شَرْطِه.
فصل: فإن أذِنَ صاحِبُ الحائِطِ لجارِه في البِناءِ على حائِطِه، أو وَضْعِ سُتْرَةٍ عليه، أو وَضْعِ خَشَبِه عليه في المَوْضِعِ الذي لا يَسْتَحِقُّ وَضْعَه، جاز؛ لأنَّ الحَقَّ له، فجاز بإذْنِه. فإذا فَعَل ما أُذِنَ فيه، صارَتِ العارِيَّةُ لازِمةٌ، تُذْكَرُ في بابِ العارِيَّةِ.