للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الفَسْخُ؛ لأنَّه زال العَجْزُ عن تَسْلِيمِ الثَّمَنِ، فزال مِلْكُ الفَسْخِ، كما لو أسْقَطَ سائِرُ الغُرَماءِ حُقُوقَهم عنه فمَلَكَ أداءَ الثَّمَنِ. ولو أسْقَطَ الغُرَماءُ حَقَّهم (١) عنه فتَمَكَّنَ مِن الأداءِ، أو وُهِب له مالٌ فأمْكَنَه الأداءُ منه، أو غَلَتْ أعْيانُ مالِه فصارت قِيمَتُها وافِيَةً بحُقُوقِ الغُرَماءِ، بحيث يُمْكِنُه أداءُ الثَّمَنِ كلِّه، لم يَمْلِكِ الفَسْخَ؛ لزَوالِ سَبَبِه، ولأنَّه أمْكَنَه الوُصُولُ إلى ثَمَنِ سِلْعَتِه مِن المُشْتَرِي، فلم يَكُنْ له الفَسْخُ، كما لو لم يُفْلِسْ.

فصل: فإنِ اشْتَرَى المُفْلِسُ مِن إنْسانٍ سِلْعَةً بعدَ الحَجْرِ في ذِمَّتِه، وتَعَذَّرَ الاسْتِيفاءُ، لم يَكُنْ له الفَسْخُ، سَواءٌ عَلِم أو لم يَعْلَمْ؛ لأنَّه لا يَسْتَحِقُّ المُطالبَةَ بثَمَنِها، فلا يَسْتَحِقُّ الفَسْخَ؛ لتَعَذُّرِه، كما لو كان ثَمَنُها مُؤجَّلًا، ولأنَّ العالِمَ بالفَلَسِ دَخَل على بَصِيرَةٍ بخَرابِ الذِّمَّةِ، أشْبَهَ مَن اشْتَرَى مَعِيبًا يَعْلَمُ عَيبَه. وقِيلَ (٢): له الخِيارُ؛ لعُمُومِ الخَبَرِ، ولأنَّه عَقَد عليه وَقْتَ الفَسْخِ، فلم يَسْقُطْ حَقُّه مِن الفَسْخِ، كما لو تَزَوَّجَتِ امْرأةٌ فَقيرًا مُعْسِرًا بنَفَقَتِها. وفيه وَجْهٌ ثالِثٌ، إنْ كان عالِمًا بفَلَسِه، فلا فَسْخَ له، وإن لم يَعْلَمْ، فله الفَسْخُ، كمُشْتَرِي المَعِيب. ويُفارِقُ المُعْسِرَ بالنَّفَقَةِ؛ لكَوْنِ النَّفَقَةِ يَتَجَدَّدُ وُجُوبُها كلَّ يَوْمٍ، فالرضا بالمُعْسِرِ بها رِضًا بعَيبِ ما لم يَجِبْ، بخِلافِ مسألتِنا، وإنما يُشْبِهُ هذا إذا تَزَوَّجَتْ مُعْسِرًا بالصَّداقِ، وسَلَّمَتْ نَفْسَها إليه ثم أرادَتِ الفَسْخَ.


(١) في م: «حقوقهم».
(٢) في م: «فيه وجه آخر».