في مَوْضِعٍ آخَرَ: مَن اكْتَرَى أرْضًا فزَرَعَها، ثم أفْلَسَ، ففَسَخَ صاحِبُ الأرْضِ، فعليه تَبْقِيَةُ زَرْعِ المُفْلِسِ إلى حينِ الحَصادِ بأجْرِ مِثْلِه؛ لأنَّ المَعْقُودَ عليه المَنْفَعَةُ، فإذا فَسَخَ العَقْدَ، فَسَخَه فيما مَلَك عليه بالعَقْدِ، وقد تَعَذَّرَ رَدُّها عليه، فكان عليه عِوَضُها، كما لو فَسَخ البَيعَ بعدَ تَلَفِ المَبِيعِ، فله قِيمَتُه، ويَضْرِبُ بذلك مع الغُرَماءِ، كذا ههُنا، ويَضْرِبُ مع الغُرَماءِ بأجْرِ المِثْلِ دُونَ المُسَمَّى. وهذا مَذْهَب الشافعيِّ. وهذا لا يَقْتَضِيه مَذْهَبُنا، ولا يَشْهَدُ لصِحَّتِه الخَبَرُ، ولا يَصِحُّ في النَّظَرِ. أمّا الخَبَرُ، فلان النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - إنَّما قال:«مَنْ أدْرَكَ متَاعَه بِعَينِهِ عِنْدَ رَجُلٍ قَدْ أفْلَسَ، فَهُوَ أحَقُّ به»(١). وهذا ما أدْرَكَ مَتاعَه بعَينِه، ولا هو أحقُّ به بالإجْماعِ، فإنَّهم وافَقُوا على وُجوبِ تَبْقِيَيها وعَدَمِ الرُّجُوعِ في عَينِها، ولأنَّ مَعْنَى قولِه:«مَنْ أدْرَكَ مَتَاعَهُ بعَينِه». أي على وَجْهٍ يُمْكِنُه أخْذُه ويَتَعَلَّقُ حَقُّهُ بعَينِه، وليس هذا كذلك. وأمَّا النَّظَرُ، فإنَّ البائِعَ إنَّما كان أحَقَّ بعَينِ مالِه؛ لتَعَلُّقِ حَقِّه بالعَينِ، وإمْكانِ رَدِّ مالِه إليه بعَينِه،