لا يَثْبُتُ به هذا المَقْصُودُ. وقال القاضي: قِياسُ المَذْهَبِ أنَّ له الرُّجُوعَ؛ لأنَّه فَقْدُ صِفَةٍ، فأشْبَهَ نِسْيانَ الصَّنْعَةِ واسْتِخْلاقَ الثَّوْبِ. فإذا رَجَع، نَظَرْنَا في الجَرْحِ؛ فإن كان ممّا لا أَرشَ له؛ كالحاصِلِ بفِعْلِ اللهِ تعالى، أو فِعْلِ بَهِيمَةٍ، أو جِنايَةِ المُفْلِسِ، أو جِنايَةِ عَبْدِه، أو جِنايَةِ العَبْدِ على نَفْسِه، فليس له مع الرُّجُوعِ أرْشٌ. وإن كان الجَرْحُ مُوجِبًا لأرْشٍ، كجِنايَةِ الأَجْنَبِيِّ فللبائِعِ إذا رَجَع أن يَضْرِبَ مع الغُرَماءِ بحِصَّةِ ما نَقَص مِن الثَّمَنِ، فيَنْظُرُ كم نقَص مِن قِيمَتِه، فيَرْجِعُ بقِسْطِ ذلك مِن الثَّمَنِ؛ لأنَّه مَضْمُونٌ على المُشْتَرِي للبائِعِ بالثَّمَنِ. فإن قِيلَ: فهلَّا جَعَلْتُم له الأرْشَ الَّذي وَجَب على الأجْنَبِيِّ؛ لأنَّه لو لم يَجِبْ به أرْشٌ، لم يَرْجِعْ بشيءٍ، فلا يَجُوزُ أن يَرْجِعَ بأكْثَرَ مِن الأرْشِ. قُلْنا: لَمَّا أتْلَفَه الأجْنَبِيُّ، صار مَضْمُونًا بإتْلافِه للمُفْلِسِ، فكان الأرْشُ له، وهو مَضْمُونٌ على المُفْلِسِ للبائِعِ بالثَّمَنِ، فلا يَجُوزُ أنْ يَضْمَنَه بالأَرْشِ، وإذا لم يُتْلِفْه أجْنَبِيٌّ، لم يَكُنْ مَضْمُونًا، فلم يَجِبْ بفَواتِه شيءٌ. فإنِ قِيلَ: فهلَّا كان هذا الأرْشُ للمُشْتَرِي، ككَسْبِه، لا يَضْمَنُه للبائِعِ؟ قُلْنا: الْكَسْبُ بَدَلُ مَنافِعِه، ومَنافِعُه مَمْلُوكَةٌ للمُشْتَرِي بغيرِ عِوَضٍ، وهذا بَدَلُ جُزْءٍ مِن العَينِ، والعَينُ جَمِيعُها مَضْمُونَةٌ بالعِوَضِ، فلهذا ضَمِن ذلك للمُشْتَرِي.