طَهارَتَهما واحِدَةٌ، فسَقَطَتْ إحْداهما بفِعْلِ الأخْرَى، كالبَوْلِ والغائِطِ. ولَنا، قولُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «وَإنَّما لِامْرِئٍ مَا نَوَى». فيَدُلُّ على أنه لا يَحْصُلُ له ما لم يَنْوه، ولأنَّها أسْبابٌ مُخْتَلِفَةٌ، فلم تُجْزِيء نِيَّةُ بَعْضِها عن الآخَرِ، كالحجِّ والعُمْرَةِ. وهذا يُفارِقُ ما قاسُوا عليه؛ فإنَّ حُكْمَهما واحِدٌ وهو الحَدَثُ الأصْغَرُ، ولهذا تُجْزِيء نِيَّةُ أحَدِهما عن نِيَّةِ الآخَرِ في طهارةِ الماءِ.
فصل: إذا تَيَمَّمَ للجَنابَةِ دُونَ الحَدَثِ الأصْغَرِ، أبِيحَ له ما يُباحُ للمُحْدِثِ، مِن قِراءةِ القرآنِ، واللُّبْثِ في المسجدِ، ولم تُبَحْ له الصلاةُ، والطَّوافُ، ومَس المُصْحَفِ. فإن أحْدَثَ لم يُؤثِّرْ ذلك في تَيَمُّمِه، كما لا يُؤثر في الغُسْلِ. وإن تَيَمَّمَ للْجَنابَةِ والحَدَثِ، ثم أحْدَثَ، بَطَل تَيَمُّمُه للْحَدَثِ، وبقِيَ تَيَمُّمُ الجَنابَةِ بحالِه. ولو تَيَمَّمَتِ المرأةُ بعدَ طُهْرِها مِن حَيضِها للحَيضِ، ثم أجْنَبَتْ، لم يَحْرُمْ وَطْؤها، لأنَّ حُكْمَ تَيَمُّمِ الحَيضِ باقٍ، ولا يَبْطُلُ بالوطْءِ، لأنَّه إنَّما يُوجِبُ حَدَثَ الجَنابَةِ. وقال ابنُ عَقِيل: إن قُلْنا: كلُّ صلاةٍ تَحْتاجُ إلى تَيَمُّمٍ. احْتاجَ كلُّ وَطْء إلى تَيَمُّمٍ يَخُصُّه. والأوَّلُ أصَحُّ.