للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وليس على صاحِبِ الزَّرْعِ أجْرٌ؛ لأنَّه زَرَع في أرْضِه زَرْعًا يَجِبُ تَبْقِيَتُه، فكَأنَّه اسْتَوْفَى مَنْفَعَةَ الأرْضِ، فلم يَكُنْ عليه ضَمانُ ذلك. إذا ثَبَت هذا، فإنِ اتَّفَقَ المُفْلِسُ والغُرَماءُ على التَّبْقِيَةِ أو القَطْعِ، فلهم ذلك، وإنِ اخْتَلَفُوا، فطَلَبَ بَعْضُهم القَطْعَ وبَعْضُهم التَّبْقِيَةِ، وكان ممَّا لا قِيمَةَ له مَقْطُوعًا، أو قِيمَتُه يَسِيرَةٌ، لم يُقْطَعْ؛ لأنَّ قَطْعَه سَفَهٌ وإضاعَةُ مالٍ، وقد نَهَى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن إضاعَتِه. وإن كانت قِيمَتُه كَثِيرَةً، قُدِّمَ قولُ مَن طَلَب القَطْعَ، في أحَدِ الوَجْهَينِ؛ لأنَّ في تَبْقِيَته غَرَرًا، ولأنَّ طالِبَ القَطْعِ إن كان المُفْلِسَ، فهو يَقْصِدُ تَبْرِئَةَ ذِمَّتِه، وإن كان الغرَماءَ فهم يَطْلُبُونَ تَعْجِيلَ حُقُوقِهم، وذلك حَق لهم. وهذا قولُ القاضي، وأكْثَرِ الشَّافِعِيَّةِ. الثانِي، يُنْظَرُ ما فيه الحَظُّ فيُعْمَلُ به؛ لأنَّ ذلك أنْفَعُ للجَمِيعِ، والظَّاهِرُ سَلامَتُه، ولهذا يَجُوزُ أن يُزْرَعَ للمُوَلَّى عليه. وفيه وَجْهٌ آخَرُ، أنَّه (١) إن كان الطالِبُ القَطْعَ الغُرَماءَ، وَجَب إجابَتُهم؛ لأنَّ حُقُوقَهم حالَّةٌ، فلا يَلْزَمُهم تَأْخِيرُها مع إمْكانِ إيفائِها، وإن كان الطَّالِبُ المُفْلِسَ دُونَهم، وكان التَّأْخِيرُ أحَظَّ، لم يُقْطَعْ (٢)؛ لأنَّهم رَضُوا بتَأْخِيرِ حُقُوقِهم لحَظٍّ يَحْصُلُ لهم وللمُفْلِسِ، والمُفْلِسُ يَطْلُبُ ما فيه ضَرَرٌ بنَفْسِه ومَنْعُ الغُرَماءِ مِن اسْتِيفاءِ القَدْرِ الَّذي يَحْصُلُ مِن الزِّيادَةِ بالتَّأْخِيرِ، فلا يَلْزَمُ الغُرَماءَ إجابَتُه إلى ذلك.


(١) سقط من: م.
(٢) في م: «يقع».