والغُرَماءُ على قَلْعِ الغِراسِ والبِناءِ، فلهم ذلك؛ لأنَّ الحَقَّ لهم لا يَخْرُجُ عنه، فإذا قَلَعُوه، فللبائِعِ الرُّجُوعُ في أرْضِه؛ لأنَّه وَجَد عَينَ مالِه. فإن أراد الرُّجُوعَ قبلَ القَلْعِ، فله ذلك. وهو مَذْهَبُ الشافعيِّ؛ لأنَّه أدْرَك مَتاعَه بعَيْنِه، وفيه مالُ المُشْتَرِي علي وَجْهِ البَيعِ، فلم يَمْنَعْه الرُّجُوعَ، كما لو صَبَغ الثَّوْبَ. ويَحْتَمِلُ أن لا يَسْتَحِقَّه إلَّا بعدَ القَلْعِ؛ لأنَّه قبلَ القَلعِ لم يُدْرِكْ مَتاعَه إلَّا مَشْغُولًا بمِلْكِ المُشْتَرِي، فأشْبَهَ ما لو كان مَسامِيرَ في بابِ المُشْتَرِي. فإن قُلْنا: له الرُّجُوعُ قبلَ القَلْعِ. فقَلَعُوه (١)، لَزِمَهم تَسْويَةُ الأرْضِ، وأرْشُ نَقْصِ الأرْضِ الحاصِلِ به؛ لأنَّ ذلك نَقْصٌ حَصَل لتَخْلِيصِ مِلْكِ المُفْلِسِ، فكان عليه، كما لو دَخَل فَصِيلٌ دارَ إنْسَانٍ، فكَبِرَ، فأراد صاحِبُه إخْراجَه، فلم يُمْكِنْ إلَّا بهَدْمِ بابِها، فإنَّ البابَ يُهْدَمُ ليَخْرُجَ، ويَضْمَنُ صاحِبُه ما نَقَص، بخِلافِ ما إذا وَجَد البائِعُ عَينَ مالِه ناقِصَةً فرَجَعَ فيها، فإنَّه لا يَرْجِعُ في النَّقْصِ، فإنَّ النَّقْصَ كان في مِلْكِ المُفْلِسِ، وههُنا حَدَث بعدَ رُجُوعِه في العَينِ، فلهذا ضَمِنُوه، ويَضْرِبُ بالنَّقْصِ مع الغُرَماءِ. وإن قُلْنا: ليس له الرُّجُوعُ قبلَ القَلْعِ. لم يَلْزَمْهم تَسْويَةُ الحَفْرِ، ولا أَرْشُ النَّقْصِ؛ لأنَّهُم فَعَلُوا ذلك في أرْضِ