فصل: ويَجُوزُ له أنْ يَبْنِيَ لهما عَقارًا، لأنَّه في مَعْنَى الشِّراءِ، [إلَّا أن يكونَ الشِّراءُ](١) أحَظَّ، وهو مُمْكِنٌ، فيَتَعَيَّنُ تَقْدِيمُه. وإذا أراد بِناءَه، بَناه بما يَرَى الحَظَّ فيه، ممّا جَرَتْ عادَةُ أهْلِ البَلَدِ به. وقال أصْحابُنا: يَبْنِيهِ بالآجُرِّ والطِّينِ، ولا يَبْنِي باللَّبِنِ؛ لأنَّه إذا هُدِم لا مَرْجُوعَ له، ولا بجِصٍّ؛ لأنَّه يَلْتَصِقُ بالآجُرِّ فلا يَخْلُصُ منه، فإذا انْهَدَمَ فَسَد الآجُرُّ؛ لأنَّ تَخْلِيصَه منه يُفْضِي إلى كَسْرِه. وهذا مَذْهَبُ الشافعيِّ. والذي قُلْناه أوْلَى، إن شاء اللهُ، فإنَّه إذا كان الحَظُّ له في البِناءِ بغيرِه، فتَرَكَه، ضَيَّعَ حَظَّه ومالهُ، ولا يَجُوزُ تَضْيِيعُ الحَظِّ العاجِلِ وتَحَمُّلُ الضَّرَرِ النّاجزِ المُتَيَقَّنِ، لتَوَهُّمِ مَصْلَحَةِ بَقاءِ الآجُرِّ عندَ هَدْمِ البِناءِ، ولعَلَّ ذلك لا يكوَنُ في حَياتِه ولا يَحْتاجُ إليه، مع أنَّ كَثِيرًا مِن البُلْدانِ لا يُوجَدُ فيها الآجُرُّ، وكَثِيرٌ منها لم تَجْرِ عادَتُهم بالبِناء به، فلو كُلِّفُوا البِناءَ به، لاحْتاجُوا إلى غَرامَةٍ كَثِيرَةٍ لا يَحْصُلُ منها طائِلٌ. فعلى هذا، يُحْمَلُ قولُ أصْحابِنا على مَن عادَتُهم البِناءُ بالآجُرِّ، كالعِراقِ ونحْوها، ولا يَصِحُّ حَمْلُه في حَقِّ غيرِهم، وإنَّما يَفْعَلُ ما ذَكَرْنا مِن الشِّراءِ والبِناءِ، إذا رَأَى المَصْلَحَةَ فيه والحَظَّ لهما.