يُحْمَلَ كلامُ أحمدَ في الرِّوايَتَين على حالينِ، فالمَوْضِعُ الذي مَنَع التَّضْحِيَةَ، إذا كان الطِّفْلُ لا يَعْقِلُ التَّضْحِيَةَ، ولا يَفرَحُ بها، ولا يَنْكَسِرُ قَلْبُه بتَرْكِها؛ لعَدَمِ الفائِدَةِ فيها، والمَوْضِعُ الذي أجازَها إذا كان اليَتِيمُ يَعْقِلُها، ويَنْجَبِرُ قَلْبُه بها، ويَنْكَسِرُ بتَرْكِها؛ لحُصُولِ الفائِدَةِ فيها. وعلى كلِّ حالٍ، مَن ضَحَّى عن اليَتِيمِ، لم يَتَصَدَّقْ بشيءٍ منها، ويُوَفِّرُها لنَفْسِه؛ لأنَّه لا يَحِلُّ الصَّدَقَةُ بشيء مِن مالِ اليَتِيمِ تَطَوُّعًا.
فصل: ومتى كان خَلْطُ مالِ اليَتِيمِ أرْفَقَ به، وألْيَنَ في الجَبْرِ، وأمْكَنَ في حُصُولِ الأُدْمِ، فهو أوْلَى. وإن كان إفْرادُه أرْفَقَ به، أفْرَدَه؛ لقولِ الله تِعالى:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ}(١). أي ضَيَّقَ عليكم وشَدَّدَ، مِن قَوْلِهِم: أعْنَتَ فُلانٌ فُلانًا. إذا ضَيَّقَ عليه وشَدَّدَ.