للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

رَحِمَه الله. وهو قولُ سائِرِ الفُقَهاءِ؛ لأنَّ التَّيَمُّمَ طهارةٌ لم يَمْسَحْ فيها عليه، فلا يَبْطُل بنَزْعِه، كطَهارَةِ الماءِ، وكما لو كان المَلْبُوسُ مِمّا لا يَجُوزُ المَسْحُ عليه، ولا يَصِحُّ قَوْلُهم: إنَّه مُبْطِل للوُضُوءِ. لأنَّ مُبْطِل الوُضوءِ نَزْعُ ما هو مَمْسُوحٌ عليه فيه، ولم يُوجَدْ ها هنا، ولأنَّ إباحَةَ المَسْحِ لا يَصِيرُ بها ماسِحًا، ولا بمَنْزِلَةِ الماسِحِ، كما لو لَبِس عِمامَةً يجُوزُ المَسْحُ عليها، ومَسَح على رَاسِه مِن تَحْتِها، فإنَّ الطهارةَ لا تَبْطُلُ بنَزْعِها، كذلك هذا.

فصل: ويَجُوزُ التَّيَمُّمُ لكلِّ ما يُتَطَهَّرُ له مِن نافِلةٍ، أو مَسِّ مُصْحَفٍ، أو قِراءَةِ قُرْآن، أو سُجُودِ تِلاوَةٍ أو شُكْرٍ، أو لُبْثٍ في مَسْجد. قال أحمدُ: يَتَيَمَّمُ ويَقْرأ جزْأه. يَعْنِي الجُنُبَ. وبذلك قال عطاءٌ، ومَكْحُول، والزُّهْرِي، ومالكٌ، والشافعي، والثَّوْرِيُّ، وأصحابُ الرَّأي. وقال أبو مِجْلَزٍ: لا يَتَيَمَّمُ إلَّا لمَكْتُوبَةٍ. وكَرِه الأوْزاعِي أن يَمَسَّ المتَيمِّمُ المُصْحَفَ. ولَنا، حديثُ أبي ذَرٍّ، وقولُه عليه السَّلامُ: «جُعِلَتْ لِيَ الأرضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» (١). ولأنَّه يُسْتَباحُ بطهارَةِ الماءِ، فيُسْتَباحُ بالتَّيَمُّمِ، كالمَكْتُوبَة.

فصل: فإن تَيَمَّمَ، ثم رَأى رَكْبًا يَظنُّ أنَّ معه ماءً، أو خُضْرَةً، أو ما يَدُل على الماءِ، وقُلْنا بوُجُوبِ الطَّلَب، بَطَل تَيَمُّمُه. وكذلك إن رَأى سَرابًا ظَنَّه ماءً. وهو قَوْلُ الشافعي؛ لأَنَّه لَمّا وَجَب الطَّلَبُ بَطَل التَّيَمُّم.


(١) تقدم تخريجهما في صفحة ٢٠٦.