فصل: فأمّا العِباداتُ، فما تَعَلَّقَ منها بالمالِ؛ كالصَّدقاتِ، والزَّكاةِ، والمَنْذُوراتِ، والكَفّاراتِ، جاز التَّوكِيلُ في قَبْضِها وتَفْرِيقِها. ويَجُوزُ للمُخْرِجِ التَّوْكِيلُ في إخْراجِها ودَفْعِها إلى مُسْتَحِقِّها. ويَجُوزُ أن يَقُولَ لغيرِه: أخْرِج زَكاةَ مالِي مِن مالِكَ، لأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - بَعَث عُمّاله لقَبْضِ الصَّدَقاتِ وتفْرِيقِها، وقال لمُعاذٍ حينَ بَعَثَه إلى اليَمَنِ:«أعْلِمْهُمْ أنَّ عَلَيهِمْ صَدَقَةً تُؤخَذُ مِن أغْنِيَائِهِمْ، فَتُرَدُّ في فُقَرَائِهِم». مُتَّفَقٌ عليه (١). ويَجُوزُ التَّوْكِيلُ في الحَجِّ إذا أَيِسَ المَحْجُوجُ عنه مِن الحَجِّ بنَفْسِه، وكذلك العُمْرَةُ. ويَجُوزُ أن يُسْتنابَ مَن يَحُجُّ عنه بعدَ المَوْتِ. فأمّا العِباداتُ البَدَنِيَّةُ المَحْضَةُ؛ كالصلاةِ، والصِّيامِ، والطهارةِ مِن الحَدَثِ، فلا يَجُوزُ التَّوْكِيلُ فيها؛ فإنَّها تَتَعلَّقُ ببَدَنِ مَن هي عليه، فلا يَقومُ غيرُه مَقامَه، إلَّا أنَّ الصيامَ المَنْذُورَ يُفْعَلُ عن المَيِّتِ، وليس ذلك بتَوْكيل؛ لأنَّه لم يُوَكِّلْ في ذلك، ولا وَكَّلَ فيه يخرُه. ولا يَجُوزُ في الصلاةِ إلَّا في رَكْعَتَي الطَّوافِ تَبَعًا للحَجِّ. ولا تَجُوزُ الاسْتِنابةُ في الطهارَةِ إلَّا في صَبِّ الماءِ وإيصالِه إلى الأعْضاءِ، وفي تَطْهِيرِ النَّجاسَةِ عن البَدَنِ والثَّوْبِ وغيرِهما.