للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بقَبْضِ لم يُؤْمَرْ بقَبْضِه. فإذا ضَمِنَه، لم يَرْجِعْ على أحَدٍ؛ لأنَّ التَّلَفَ حَصَل في يَدِه، فاسْتَقَرَّ الضَّمانُ عليه. وقال أحمدُ، في رجلٍ وَكَّل وَكِيلًا في اقْتِضاءِ دَينِه، وغاب، فأخَذَ الوَكِيلُ به رَهْنًا، فتَلِفَ الرَّهْنُ في يَدِ الوَكِيلِ، فقال: أساء الوَكِيلُ في أخْذِ الرَّهْنِ، ولا ضَمانَ عليه. إنما لم يُضمِّنْه الرَّهْنَ (١)؛ لأنَّه رَهْنٌ فاسِدٌ، والقَبْضُ في العَقْدِ الفاسِدِ كالقَبْضِ في العَقْدِ الصَّحِيحِ، فما كان القَبْضُ في صَحِيحِه مَضْمُونًا، كان مَضْمُونًا في فاسِدِه، وما كان غيرَ مَضْمُونٍ في صَحِيحِه، كان غيرَ مضمونٍ في فاسِدِه. ونَقَل البَغَويُّ عن أحمدَ في رجلٍ أعْطَى آخَرَ دَراهِمَ ليَشْتَرِيَ له بها شاةً فخلَطَها مع دَراهِمِه، فضاعا، فلا شيءَ عليه. وإن ضاع أحَدُهما، أيُّهما ضاع غَرِمَه. قال القاضي: هذا مَحْمُولٌ على أنَّه خَلَطَها بما تَتَمَيَّزُ منه. ويَحْتَمِلُ أنَّه أذِنَ له في خَلْطِها. أمّا إن خَلَطَها بما لا تَتَمَيَّزُ منه بغيرِ إذْنِه، ضَمِنَها، كالوَدِيعَةِ. وإنَّما لَزِمَه الضَّمانُ إذا ضاع أحَدُهما؛ لأنَّه لا يَعْلَمُ أنَّ الضّائِعَ دَراهِمُ المُوَكِّلِ، والأصْلُ بَقاؤُها. ومَعْنَى الضَّمانِ ههُنا، أنَّه يَحْسُبُ الضّائِعَ مِن دَراهِمِ نَفْسِه. فأمّا على المَحْمَلِ (٢) الآخَرِ، وهو إذا خَلَطَها بما تَتَمَيَّزُ منه، فإذا ضاعَتْ دَراهِمُ المُوَكِّلِ وَحْدَها، فلا ضَمانَ عليه؛ لأنَّها ضاعَتْ مِن غيرِ تَعَدٍّ منه. واللهُ أعلمُ.


(١) سقط من: م.
(٢) في الأصل: «المحمول».