وارِثُ الحَقِّ لا وارِثَ له سِواه (لَزِمَه الدَّفْعُ إليه) بغيرِ خِلافٍ نَعْلَمُه؛ لأنَّه مُقِرٌّ له بالحَقِّ، وأنَّه يَبْرَأُ بهذا الدَّفْعِ، فلَزِمَه, كما لو جاء صاحِبُ الحَقِّ. وإن أنْكَرَ، لَزِمَتْه اليَمِينُ أنَّهُ لا يَعْلَمُ صِحَّةَ ما قال؛ لأنَّ اليَمِينَ ههُنا على نَفْي فِعْلِ الغيرِ، فكانت على نَفْي العِلْمِ، وإنَّما لَزِمَتْه اليَمِينُ ههُنا؛ لأنَّ مَن لَزِمَه الدَّفْعُ مع الإِقْرارِ، لَزِ مَتْه اليَمِينُ مع الإِنْكارِ كسائِرِ الحُقُوقِ المالِيَّةِ.
فصل: ومَن طُلِب منه حَقٌّ فامْتَنَعَ مِن دَفعِه حتى يَشْهَدَ القابِضُ على نَفْسِه بالقَبْضِ، وكان الحَقُّ عليه بغيرِ بَيِّنَةٍ، لم يَلْزَمِ القابِضَ الإِشْهادُ؛ لأنَّه لا ضَرَرَ في ذلك، فإنَّه متى ادَّعَى الحَقَّ على الدّافِعِ بعدَ ذلك قال: لا يُسْتَحَقُّ عَلَيَّ شيءٌ. والقولُ قَوْلُه مع يَمِينِه. وإن كان الحَقُّ ثَبَت ببَيِّنةٍ، وكان مَن عليه الحَقُّ يُقْبَلُ قَوْلُه في الرَّدِّ، كالمُودَعِ والوكِيلِ بلا جُعْلٍ، فكذلك؛ لأنَّه متى ادُّعِيَ عليه حَقٌّ، أو قامَتْ به بَيِّنَةٌ، فالقولُ في الرَّدِّ قَوْلُه. وإن كان ممَّن لا يُقْبَلُ قَوْلُه في الرَّدِّ، أو يُخْتَلَفُ في قَبُولِ قَوْلِه، كالغاصِبِ والمُسْتَعيرِ والمُرْتَهِنِ، لم يَلْزَمْه تَسْلِيمُ ما قَبِلَه إلَّا بالإِشْهادِ؛ لئَلَّا يُنْكِرَ القابضُ القَبْضَ. ولا يُقْبَلُ قولُ الدّافِعِ في الرَّدِّ. وإن أنْكَرَ، قامت عليه البَيِّنَةُ. ومتى أشْهَدَ القابِضُ على نَفْسِه بالقَبْضِ، لم يَلْزَمْه تَسْلِيمُ الوَثِيقَةِ بالحَقِّ إلى مَن عليه الحَقُّ؛ لأنَّ بَيِّنَةَ القَبْضِ تُسْقِطُ البَيِّنَةَ الأُولَى، والكِتابُ مِلْكُه، فلا يَلْزَمُه تَسْلِيمُه إلى غيرِه.