كان قد عَزَل الوَكِيلَ، وأنَّ حَقَّه باقٍ في ذمَّةِ. الغَرِيمِ، وشَهِد له ابْناه، لم تُقْبَلْ شَهادَتُهما؛ لأنَّهما يُثْبِتان حَقًّا لأبيهَما. ولو ادَّعَى مُكاتَبٌ الوَكالةَ، فشَهِدَ له سَيِّدُه، أو ابْنا سَيِّدِه، أو أبَواه، لم تُقْبَلْ؛ لأنَّ السَّيِّدَ يَشْهَدُ لعَبْدِه، وابْناه يَشْهَدان لعَبْدِ أبيهما، والأبَوان يَشهَدان لعَبْدِ ابْنِهما. وإن عَتَق، فأعاد الشَّهادَةَ، فهل تُقْبَلُ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَين.
فصل: إذا حَضَر رَجُلانِ عندَ الحاكِمِ، فأقَرَّ أحَدُهما أنَّ الآخَرَ وَكِيلُه، ثم غاب المُوَكِّلُ، وحَضَر الوَكِيلُ، فقَدَّمَ خَصْمًا لمُوَكِّلِه، وقال: أنا وَكِيلُ فُلانٍ. فأنْكَرَ الخَصْمُ كَوْنَه وَكِيلًا، فإن قُلْنا: لا يَحْكُم الحاكِمُ بعِلْمِه. لم تُسْمَعْ دَعْواه حتى تَقومَ البَيِّنَةُ بوَكالتِه. وإن قُلْنا: يَحْكُمُ بعِلْمِه. وكان الحاكِمُ يَعْرفُ المُوَكِّلَ بعَينِه واسْمِه ونَسَبِه، صَدَّقَه ومَكَّنَه مِن التَّصَرُّفِ؛ لأنَّ مَعْرِفَتَه كالبَيِّنَةَ. وإن عَرَفَه بعَينِه دُونَ اسْمِه ونَسَبِه، لم يُقْبَلْ قَوْلُه حتى تَقُومَ البَيِّنَةَ عندَه بالوَكالةِ؛ لأنَّه يُرِيدُ تَثْبِيتَ نَسَبِه عندَه (١) بقَوْلِه، فلم يُقْبَلْ.
فصل: ولو حَضَر عندَ الحاكِمِ رجلٌ، فادَّعَى أنَّه وَكِيلُ فُلانٍ الغائِبِ، في شيءٍ عَيَّنَه، وأحْضَرَ بَيِّنَةً تَشْهَدُ له بالوَكَالةِ، سَمِعَها الحاكِمُ. ولو ادَّعَى حَقًّا لموَكِّلِه قبلَ ثُبُوتِ وَكالتِه، لم يَسْمَعِ الحاكِمُ دَعْواه. وبه قال مالكٌ، والشافعيُّ. وقال أبو حنيفةَ: لا يَسْمَعُها، إلَّا أن يُقَدِّمَ خَصْمًا مِن خُصَماءِ المُوَكِّلِ، فيَدَّعِيَ عليه حَقًّا، فإذا أجابَ المُدَّعَى عليه، حِينَئِذٍ يَسْمَعُ