ولا تَصِحُّ الشرِكَةُ بالفُلُوسِ. وبه قال أبو حنيفةَ، والشافعيُّ، وابنُ القاسِمِ صاحِبُ مالِكٍ. ويَتَخَرَّجُ الجَوازُ إذا كانَتْ نافِقَةً، فإنَّ أحمدَ قال: لا أرَى السَّلَمَ في الفُلُوسِ؛ لأنَّه يُشْبِهُ الصَّرْفَ. وهذا قولُ محمدِ بنِ الحسنِ، وأبي ثَوْرٍ؛ لأنَّها ثَمَنٌ، فأشْبَهَتِ الدَّراهِمَ والدَّنانِيرَ. وفيه وَجْهٌ آخَرُ، أنَّ الشَّرِكَةَ تجُوزُ بها على كلِّ حالٍ وإن لم تَكُنْ نافِقَةً؛ بِناءً على جَوازِ الشَّرِكَةِ بالعُرُوضِ. وَوَجْهُ الأوَّلِ أنَّها تَنْفُقُ مَرَّةً وتَكْسُدُ أُخرى، فأشْبَهَتِ العُرُوضَ، فإذا قُلْنا بصِحَّةِ الشَّرِكَةِ بها فإنَّها إن كانَتْ نافِقَةً كان رأسُ المالِ مِثْلَها، وإن كانَتْ كاسِدَةً كانَتْ قِيمَتُها كالعُرُوضِ.
فصل: ولا يَجُوزُ أن يَكُونَ رَأسُ مالِ الشَّرِكَةِ مَجْهُولًا، ولا جُزافًا؛ لأنَّه لابُدَّ مِن الرجُوعِ به عندَ المُفاصَلَةِ، ولا يُمْكِنُ مع الجَهْلِ به. ولا يَجُوزُ بمالٍ غائِب، ولا دَينٍ؛ لأنَّه لا يُمْكِنُ التَّصَرفُ فيه في الحالِ، وهو مَقْصُودُ الشَّرِكَةِ.