منهما نِصْفَ الرِّبْحِ. وهذا يَدُلُّ على جَوازِ القِراضِ. وعن مالكٍ (١)، عن العَلاءِ بنِ عبدِ الرحمنِ، عن أبِيه، عن جَدِّه، أنَّ عُثمانَ، رَضِيَ الله عنه، قارَضَه. وعن قَتادةَ، عن الحَسَنِ، أنَّ عَليًّا، رضِيَ اللهُ عنه، قال: إذا خالفَ المُضارِبُ فلا ضَمانَ، هما على ما شَرَطا. وعن ابنِ مَسْعُودٍ، وحَكِيمِ بنِ حِزام، أنَّهما قارَضا، ولم يُعْرَفْ لهما في الصَّحابَةِ مُخالِفٌ، فكان إجْماعًا، ولأنَّ بالنّاس حاجَةً إلى المُضارَبَةِ، فإنَّ الدَّراهِمَ والدَّنانِيرَ لا تُنَمَّى إلَّا بالتَّقْلِيبِ والتِّجارَةِ، وليس كلُّ مَن يَمْلِكُها يُحْسِنُ التِّجارَةَ، ولا كلُّ مَن يُحْسِنُ التِّجارَةَ له مالٌ، فاحْتِيجَ إليها مِن الجانِبَينِ. فشُرِعَتْ لدَفْعَ الحاجَتَين.
فصل: ومِن شَرْطِ صِحَّتِها تَقْدِيرُ نَصِيبِ العامِلِ؛ لأنَّه يَسْتَحِقُّه بالشَّرْطِ، فلم يُقَدَّرْ إلَّا به. فلو قال: خُذْ هذا المال مُضارَبَةً. ولم يَذْكُرْ سَهْمَ العامِلِ، فالرِّبْحُ كلُّه لرَبِّ المالِ، والوَضِيعَةُ عليه، وللعامِلِ أجْرُ مِثْلِه. نَصَّ عليه أحمدُ. وهو قولُ الثَّوْرِيِّ، والشافعيِّ، وإسحاقَ، وأبي ثَوْرٍ، وأصحابِ الرَّأْي. وقال الحَسَنُ، وابنُ سِيرِينَ، والأوْزاعِيُّ: الرِّبْحُ بينَهما نِصْفَين. كما لو قال: والرِّبْحُ بينَنا. فإنَّه يَكُون بينَهما نِصْفَين. كذا هذا. ولَنا، أنَّ المُضارِبَ إنَّما يَسْتَحِقُّ بالشَّرْطِ، ولم يُوجَدْ. وقَوْلُه: