للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فصل: وقد ذَكَرْنا أنَّ حُكْمَ المُضارَبَةِ حُكْمُ الشَّرِكَةِ فيما للعامِلِ أن يَفْعَلَه أوْ لا يَفْعَلَه، والذي اخْتُلِفَ فيه في حَقِّ الشَّرِيكِ، فكذلك في حَق عامِلِ المُضارَبَةِ. وهل له أن يَبِيعَ نَساءً إذا لم يُنْهَ عنه؟ فيه رِوايَتان؛ إحْداهُما، ليس له ذلك. وبه قال مالك، وابنُ أبي لَيلَى، والشافعيُّ؛ لأنَّه نائِب في البَيعِ، فلم يَجُزْ له ذلك بغيرِ إذْنٍ، كالوَكِيلِ، يُحَقِّقُ ذلك أنَّ النائِبَ لا يَجُوزُ له التَّصَرُّفُ إلَّا على وَجْهِ الحَظِّ والاحْتِياطِ، وفي النَّسِيئَة تَغْرِيرٌ بالمالِ. والثّانِيَةُ، يَجُوزُ له ذلك. وهو قولُ أبي حنيفةَ، واخْتِيارُ ابنِ عَقِيل؛ لأنَّ إذنه في التِّجارَةِ والمُضارَبَةِ يَنْصَرِفُ إلى التِّجارَةِ المُعْتادَةِ، وهذا عادَةُ التُّجّارِ، ولأنَّه يَقْصِدُ به الرِّبْحَ، والرِّبْحُ في النَّساءِ أكْثَرُ، والحُكْمُ في الوَكالةِ مَمْنُوع، ثم الفَرْقُ بينَ الوَكالةِ المُطْلَقَةِ والمُضارَبَةِ، أنَّ الوَكالةَ المَقْصُودُ منها تَحْصِيلُ الثَّمَنِ فحَسْبُ، ولا تَخْتَصُّ بقَصْدِ الرِّبْحِ، فإذا أمْكَنَ تَحْصِيلُه مِن غيرِ خَطَر، كان أوْلَى، ولأنَّ الوَكالةَ المُطْلَقَةَ في البَيعِ تَدُلُّ على أنَّ حاجَةَ المُوَكِّلِ (١) إلى الثَّمَنِ ناجزَة، فلم يَجُزْ تَأخِيرُه، بخِلافِ المُضارَبَةِ. فإن قال له: اعْمَلْ برأَيِكَ. أو: تَصَرَّفْ كيف شِئْتَ. فله البَيعُ نَساءً. وقال الشافعي: ليس له ذلك؛ لأنَّ فيه تَغْرِيرًا، أشْبَهَ ما لو لم يَقُلْ له ذلك. ولَنا، أنَّه داخِل


(١) في الأصل: «الوكيل».