عن كَوْنِه مُضارِبًا له، بخِلافِ الوَكِيلِ. ولأنَّ هذا يُوجِبُ في المالِ حَقًّا لغيرِه، ولا يَجُوزُ إيجابُ حَقٍّ في مالِ إنْسانٍ بغيرِ إذْنِه. وبهذا قال أبو حنيفةَ، والشافعي. ولا يُعْلَمُ عن غيرِهم خِلافُهم. فإن فَعَل فلمْ يَتْلَفِ المالُ ولا ظَهَر فيه رِبْحٌ، رَدَّه إلى مالِكِه، ولا شيءَ له ولا عليه. وإن تَلِف أو رَبِح فيه، فقال الشَّرِيفُ أبو جَعْفَر: هو في الضَّمانِ والتّصَرُّفِ كالغاصِبِ، ولرَبِّ المال مُطالبةُ مَن شاء منهما برَدِّ المالِ إن كان باقِيًا، وبِرَدِّ بَدَلِه إن تَلِف أو تَعَذَّرَ رَدُّه، فإن طالب الأوَّلَ وضَمَّنَه قِيمَةَ التّالِفِ، ولم يكنِ الثّانِي عَلِم الحال، لم يَرْجِعْ عليه بشيءٍ؛ لأَنه دَفَعَه إليه على وَجْهِ الأمانَةِ. وإن عَلِم، رَجَع عليه؛ لأنَّه قَبَض مال غيرِه على سَبِيلِ العُدْوانِ، وقد تَلِف تحتَ يَدِه، فاستقَرَّ عليه ضَمانُه. وإن ضَمَّنَ الثّانِيَ مع عِلْمِه بالحالِ، لم يَرْجِعْ على الأوَّلِ. وإن لم يَعْلَمْ، فكذلك في أحَدِ الوَجْهَين؛ لأنَّ التَّلَفَ حَصَل في يده، فاستقَرَّ الضَّمانُ عليه. والثّانِي، يَرْجِعُ عليه؛ لأنَّه غَرَّه، أشْبَهَ المَغْرُورَ بحُرِّيَّةِ أمَةٍ. وإن رَبِح، فالرِّبْحُ للمالِكِ، ولا شيءَ للمُضارِبِ الأوَّلِ، لأَنَّه لم يُوجَدْ منه مال ولا عَمَل. وهل للثّانِي أجْرَةُ مِثْلِه؟ على رِوايَتَين، إحْداهما، له ذلك، لأنَّه عَمِل في مالِ غيرِه بعِوَض لم يُسَلَّمْ له، فكان له أجْرُ مِثْلِه، كالمُضارَبَةِ الفاسِدَةِ. والثّانِيَةُ، لا شيءَ له، لأنَّه عَمِل في مالِ غيرِه بغيرِ إذْنِه (١)، أشْبَهَ الغاصِبَ. وفارَقَ المُضارَبَةَ؛ لأنَّه عَمِل في مالِه بإذْنِه. وسواء اشْتَرَى بِعَينِ المالِ أو في الذِّمَّةِ.