فصل: وإذا غُصِبَ مالُ المُضارَبَةِ أو سُرِق، فهل للمُضارِبِ المُطالبَةُ به؟ على وَجْهين؛ أحدُهما، ليس له ذلك؛ لأنَّ المُضِارَبَةَ عَقْد على التِّجارَةِ، فلا يَدْخُلُ فيه الخُصُومَةُ. والثّانِي، له ذلك؛ لأنه يَقْتَضِي حِفْظَ المالِ، ولا يَتمُّ ذلك إلا بالخُصُومَةِ والمُطالبَةِ، سِيَّما إذا كان غائِبًا عن رَبِّ المالِ، فإنَّه حينَئذٍ لا مُطالب (١) بِه إلَّا المُضارِبُ، فإن تَرَكَه ضاع. فعلى هذا، إن تَرَك الخُصُومَةَ والطَّلَبَ به في هذه الحالِ، ضَمِن؛ لأنه ضَيَّعَه وفَرَّطَ فيه. فأمّا إن كان رَبُّ المالِ حاضِرًا، وعَلِم الحال، فإنَّه لا يَلْزَمُ العامِلَ طَلبه، ولا يَضْمَنُه إذا تَرَكَه؛ لأنَّ رَبَّ المالِ أوْلَى بذلك مِن وَكِيله.
فصل: وإذا اشْتَرَى المُضارِبُ عَبْدًا، فقَتَلَه عَبْد لغَيرِه، ولم يَكُنْ ظَهَر في المالِ رِبْح، فالأمْرُ لرَبِّ المالِ؛ إن شاء اقْتَصَّ، وإن شاء عَفَا على غيرِ مالٍ، وتَبْطُلُ المُضارَبَةُ فيه؛ لذَهاب رَأسِ المالِ. وإن شاء عَفَا على مالٍ، فإن عَفَا على مِثْلِ رَأسِ المالِ أو أقَلَّ أَو أكثرَ، فالمُضارَبَةُ بحالِها، والرِّبْحُ بينَهما على ما شَرَطَاه؛ لأنَّه وُجِد بَدَل عن رَأسِ المالِ، فهو كما لو وَجَد بَدَلَه بالبَيعِ، وإن كان في العَبْدِ رِبْح، فالقِصَاصُ إليهما، والمُصالحَةُ كذلك؛ لكَوْنِهما شَرِيكَين فيه. والحُكْمُ في انْفِساخِ المُضارَبَةِ وبَقائِها على ما تَقَدّمَ.