فصل: إذا مات أحَدُ المُتَقارِضَين، أو جُنَّ، انْفَسَخَ القِراضُ. وقد ذَكَرْناه، فإن كان برَب المالِ، فأرادَ الوارِثُ أو وَلِيُّهِ إتْمامَه، والمالُ ناضٌّ، جاز، ويَكُونُ رَأسُ المالِ وحِصَّتُه مِن الربْحِ رَأسَ المالِ، وحِصةُ العامِلِ مِن الرِّبْحِ شَرِكَةً له مُشَاع. وهذه الإشاعَةُ لا تَمْنَعُ؛ لأنَّ الشرِيكَ هو العامِلُ، وذلك لا يَمْنَعُ التَّصَرُّفَ. وإن كان المالُ عَرْضًا وأرادُوا إتْمامَه، فظاهِرُ كَلام أحمدَ جَوازُه، لأنَّه قال في رِوايَةِ عليِّ بنِ سعيدٍ: إذا مات رَبُّ المالِ، لَم يَجُزْ للعامِلِ أن يَبِيعَ ويَشْتَرِيَ إلَّا بإذْنِ الوَرَثَةِ. فظاهِرُ هذا إبْقاءُ العامِلِ على قِراضِه. وهو مَنْصُوصُ الشافعي؛ لأنَّ هذا إتْمام للقِراضِ، لا ابْتِداء له، ولأنَّ القِراضَ إنَّما مُنِعَ منه في العُرُوضِ، لأنه يَحْتاجُ عندَ المُفاصَلةِ إلى رَدِّ مِثْلِها أو قِيمَتِها، ويَخْتَلِفُ ذلك باخْتِلافِ الأوقاتِ، وهذا غيرُ مَوْجُودٍ ههُنا، لأنَّ رَأسَ المالِ غيرُ العُرُوضِ، وحُكْمُه باقٍ، ألا تَرَى أنَّ للعامِلِ أن يبيعَه ليُسَلمَ رَأسَ المالِ ويَقْسِمَ الباقِيَ؟ وذَكَر القاضي وَجْهًا آخَرَ، أنَّه لا يَجُوزُ، لأنَّ القِراضَ قد بَطَل بالمَوْتِ، وهذا ابْتِداءُ قِراض على عُرُوض. قال شيخُنا (١):