للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقد قال أحمدُ: أشْرَكَ بينَهم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -. فإن قِيلَ: فالمَغانِمُ مُشتَرَكَة بينَ الغانِمِين بحُكْمِ الله تِعالى، فكيف يَصِحُّ اخْتِصاصُ هؤلاء بالشَّرِكَةِ فيها؟ وقال بعضُ الشافعيّةِ: غَنائِمُ بَدْرٍ كانت لرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فكان له أن يَدْفعَها إلى مَن يَشاءُ، فيَحْتَمِلُ أن يَكُونَ فَعَل ذلك لهذا. قُلْنا: أمَّا الأوَّلُ، فالجَوابُ عنه: أنَّ غَنائِمَ بَدْرٍ كانت لمَن أخَذَها قبل أن يُشرِكَ الله تعالى بينَهم، ولهذا نُقِلَ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ أخَذَ شَيئًا فَهُوَ لَهُ» (١). فكان ذلك مِن قَبِيلِ المباحاتِ؛ مَن سَبَق إلى أخْذِ (٢) شيء، فهو له. ويَجُوزُ أن يَكُونَ شَرَّك بينَهم فيما يُصِيبُونَه مِن الأسْلابِ والنَّفَلِ. إلَّا أنّ الأوَّلَ أصَحُّ؛ لقَوْلِه: جاء سَعْدٌ بأسِيرَين ولم أجِئ أنا وعمّارٌ بشيء. وأمّا الثّانِي، فإنَّ اللهَ تعالى إنَّما جَعَل الغَنِيمَةَ لنَبيِّه عليه السّلامُ بعدَ أن غَنِمُوا واخْتَلَفُوا في الغَنائِمِ، فأنْزَلَ الله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} (٣). والشَّرِكَةُ كانت قبلَ ذلك. ويَدُلُّ على صِحَّةِ هذا، أنَّها لو كانت لرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فإمّا أن يَكُونَ قد أباحَهُم أخْذَها، فصارَتْ كالمُباحاتِ، أو لم يُبِحْها لهم، فكيفَ يَشْتَرِكُون في شيءٍ لغيرِهم؟ وفي هذا الخَبَرِ حُجَّة على أبي حنيفةَ أيضًا؛ لأنَّهم اشْتَرَكُوا في مُبَاحٍ، وفيما ليس بصِناعَةٍ (٤)، وهو يَمْنَعُ ذلك، ولأنَّ العَمَلَ أحَدُ


(١) تقدم تخريجه في ٥/ ٥٧٢.
(٢) سقط من: م.
(٣) سورة الأنفال ١.
(٤) في م: «بضاعة».