وهو قولُ مالكٍ؛ لأنَّ مُقْتَضاها أنَّ ما يَتَقَبَّلُه كلُّ واحِدٍ منهما مِن العَمَلِ يَلْزَمُهما ويُطالبُ به كلُّ واحِدٍ منهما، فإذا تَقَبَّلَ أحَدُهما شيئًا مع اخْتِلافِ صَنائِعِهما، لم يُمْكِنِ الآخَرَ أن يَقُومَ به، فكيفَ يَلْزَمُه عَمَلُه؟ أم كيف يُطالبُ بما لا قُدْرَةَ له عليه! والثّانِي، تَصِحُّ. اخْتارَه القاضي؛ لأنهما اشْتَرَكا في مَكْسَبٍ مُباحٍ، فصَحَّ، كما لو اتَّفَقَتِ الصَّنائع، ولأنَّ الصَّنائع المُتَّفِقَةَ قد يَكُونُ أحَدُ الرَّجُلَينِ أحْذَقَ فيها مِن الآخَرِ، فربَّما يَتَقَبّلُ أحَدُهما ما لا يُمْكِنُ الآخَرَ عَمَلُهُ، ولم يَمْنَعْ ذلك صِحَّتَها، فكذلك إذا اخْتَلَفَت الصَّنائع. وقَوْلُهم: يَلْزَمُ كلَّ واحِدٍ منهما ما يَتَقَبَّلُه صاحِبُه. قال القاضي: يَحْتَمِلُ أن لا يَلْزَمَه ذلك، كالوَكِيلَين؛ بدَلِيلِ صِحَّتِها في المُباحِ، ولا ضَمانَ فيها. وإن قُلْنا: يَلْزَمُه. أمْكَنَه تَحْصِيلُ ذلك بالأجْرَةِ، أو بمن يَتَبَرَّعُ له بعَمَلِه. ويَدُلُّ على صِحَّةِ هذا، أنَّه لو قال أحَدُهما: أنا أتَقَبَّلُ وأنتَ