فصل: فإن شَرَط أن يَعْمَلَ معه غِلْمانُ رَبِّ المالِ، فهو كعَمَلِ رَبِّ المالِ، فإنَّ يَدَ الغُلامِ كَيَدِ مَوْلاه. وقال أبو الخَطّابِ: فيه وَجْهان؛ أحَدُهما كما ذَكَرْنا. والثَّاني، يَجوزُ؛ لأنَّ غِلْمانَه مالُه، فجاز أن يُجْعَلَ تَبَعًا لمالِه، كَثَوْرِ الدُّولابِ، وكما يجوزُ في القِراضِ أن يَدْفَعَ إلى العامِلِ بَهِيمَةً يَحْمِلُ عليها. وأمّا رَبُّ المالِ، لا يجوزُ جَعْلُه تَبَعًا. وهذا قولُ مالِكٍ، والشافعيِّ، ومحمدِ بنِ الحَسَنِ. فإذا شَرَط غلْمانًا يَعْمَلُون معه، فنَفَقَتُهمُ على ما يَشْتَرِطان عليه، فإن أطْلَقَا، فهي على رَبِّ المالِ. وبهذا قال الشافعيُّ. وقال مالكٌ: نَفَقَتُهُم على المُساقِي، ولا يَنْبَغِي أن يَشْرُطَها على رَبِّ المالِ؛ لأنَّ العَمَلَ على المُساقِي، فمُؤْنَةُ مَنِ يَعْمَلُه عليه، كمُؤْنَةِ غِلْمانِه. ولَنا، أنَّه مَمْلُوكُ رَبِّ المالِ، فكانت نَفقتُه عليه عندَ الإِطْلاقِ، كما لو أجَرَه، فإن شَرَطَها على العامِلِ، جاز. ولا يُشْتَرَطُ تَقْدِيرُها. وبه قال الشافعيُّ. وقال محمدُ بنُ الحَسَنِ: يُشْتَرَطُ؛ لأنَّه اشْتَرَطَ عليه ما لا يَلْزَمُه، فوَجَبَ أن يكونَ مَعْلُومًا، كسائِرِ الشُّرُوطِ. ولَنا، أنَّه لو وَجَب تَقْدِيرُها، لوَجَبَ ذِكْرُ صفاتِها، ولا يَجِبُ ذلك، فلم يَجِبْ تَقْدِيرُها. ولا بُدّ مِن مَعْرِفَةِ الغِلْمانِ المَشْرُوطِ عَمَلُهُم برُويةٍ، أو صِفَةٍ تَحْصُلُ بها مَعْرِفَتُهُم؛ في عَقْدِ الإِجارَةِ.