للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وإنَّما نقولُ: لمّا لم يُمْكِنْ حِفْظُها مِن خِيانَتِكَ، أقِمْ غيرَك يَعْمَلْ ذلك، وارْفَعْ يَدَكَ عنها؛ لأنَّ الأمانةَ قد تَعَذَّرَتْ في حَقِّكَ، فلا يَلْزَمُ رَبَّ المالِ ائْتِمانُك. وفارَقَ فِسْقَه بغيرِ الخِيانَةِ، فإنَّه لا ضَرَرَ على رَبِّ المالِ فيها، وههُنا يَفُوتُ مالُه. فإن عَجَز عن العَمَلِ لضَعْفِه مع أمانَتِه، ضُمَّ إليه غيرُه، ولا تُنْزَعُ يَدُه؛ لأنَّ العَمَلَ مُسْتَحَقٌّ عليه، ولا ضَرَرَ في بَقاءِ يَدِه عليه. وإن عَجَز بالكُلِّيَّةِ، أقامَ مُقامَه مَن يَعْمَلُ، والأُجْرةُ عليه في المَوضعَين؛ لأنَّ عليه تَمامَ العَمَلِ، وهذا مِن تَمامِه.

فصل: ويَمْلِكُ العامِلُ حِصَّتَه مِن الثَّمَرَةِ بظُهُورِها، فلو تَلِفَتْ كُلُّها إلَّا واحدةً، كانت بينَهما. وهذا أحَدُ قَوْلَي الشافعيِّ. والثاني، يَمْلِكُه بالمُقاسَمةِ، كالمُضارِبِ. ولَنا، أنَّ الشَّرْطَ صَحِيحٌ، فيَثْبُتُ مُقْتَضاهُ، كسائِرِ الشُّرُوطِ الصَّحِيحَةِ، ومُقْتَضاهُ كَوْنُ الثَّمَرَةِ بينَهما على كل حالٍ. وأمّا القِراضُ، فنقولُ: إَّنه يَمْلِكُ الرِّبْحَ بالظُّهُورِ، كمسألَتِنا. وإن سُلِّمَ، فالفَرْقُ بينَهما أنَّ الرِّبْحَ وقاية لرَأْسِ المالِ، فلم يَمْلِكْ حتَّى يُسَلِّمَ رَأْسَ المالِ لرَبِّه، وهذا ليس بوقايةٍ لشيءٍ، فإنَّه لو تَلِفَتِ الأُصُولُ كُلُّها، كان الثَّمَرُ بينَهما. إذا ثَبَت ذلك، فإنَّه يَلْزَمُ كُلَّ واحدٍ منهما (١) زَكَاةُ حِصَّتِه إذا بَلَغَتْ نِصابًا. نَصَّ عليه أحمدُ في المُزارَعَةِ. فإن لم تَبْلُغ نِصابًا إلَّا بجَمْعِهما، لم تَجِبْ إلَّا على قَوْلِنا: إنَّ الخُلْطَةَ تُؤَثِّرُ في غيرِ السائِمَةِ. فيُبْدَأُ بإخْراجِ الزكاةِ ثم يَقْتَسِمان ما بَقِيَ. فإن بَلَغَتْ حِصَّةُ أحَدِهما نِصابًا دونَ


(١) سقط من: الأصل.