مُسافِرٍ على بَعِيرٍ أو دابَّةٍ يَمْلِكُها، ولا يَلْزَمُ أصحابَ الأمْلاكِ إسْكانُهم وحَمْلُهم تَطَوُّعًا، وكذلك أصحابُ الصَّنائعِ يَعْمَلُون بأجْر، ولا يُمْكِنُ كلَّ أحَدٍ عَمَلُ ذلك، ولا يَجِدُ مُتَطَوِّعًا به، فلا بُدَّ مِن الإجارَةِ؛ لذلك، بل ذلك ممّا جَعَلَه الله تعالى طَرِيقًا إلى الرِّزْقِ، حتى إنَّ أكْثَرَ المَكاسبِ بالصَّنائِعِ. وما ذَكَرَه (١) مِن الغَرَرِ، لا يُلْتَفَتُ إليه مع ما ذَكَرْنا مِن الحاجَةِ، فإنَّ العَقْدَ على المَنافِعِ لا يُمْكِنُ بعدَ وُجُودِها؛ لأنَّها تَتْلَفُ بمُضِيِّ الأوْقاتِ، فاحْتِيجَ إلى العَقْدِ عليها قبلَ وُجُودِها، كالسَّلَمِ في الأعْيانِ. واشْتِقاقُ الإجارَةِ مِن الأجْرِ، وهو العِوَضُ، قال الله تعالى:{لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيهِ أَجْرًا}. ومنه سُمِّيَ الثَّوابُ أجْرًا؛ لأنَّ اللهَ تعالى يُعَوِّضُ العَبْدَ به على طاعَتِه أو صَبْرِه على مُصِيبَتِه.